حذف بقي ما يدل على أنه قد حذف منه مثله؛ لأن المشدد حرفان، فإذا تمَّ للشاعر الوزن بأحدهما حذف الآخر١، وسواء في ذلك الصحيح والمعتل٢.
فمن التخفيف في الصحيح قول طرفة بن العبد:
أصحوتَ اليومَ أم شاقتك هِرْ ... ومن الحبِّ جنونٌ مُسْتَعِرْ٣
فهو مضطر إلى حذف أحد الحرفين من "هرّ" لاستواء الوزن ومطابقة البيت، فقابل براءِ "هر" راء "مستعر" وهي خفيفة أصلًا٤.
ومن التخفيف في المعتل قول الراجز٥:
حتى إذا ما لم أجد غير السَّري ... كنتُ امرءًا من مالك بنِ جعفرِ٦
فخفف ياء "السَّريّ" مضطرًا أيضًا.
وهكذا الشأن فيما يتعلق بألفية ابن مالك؛ إذ وقع فيها شيءٌ من ذلك حين اضطر ناظمها إلى التخفيف في بعض المواضع لتقويم الوزن، سواء كان ذلك في الأحرف الصحيحة أو المعتلة.
١ انظر: الأصول ٣/٤٤٨، ما يجوز للشاعر في الضرورة ١٢٢.
٢ انظر: ضرائر الشعر لابن عصفور ١٣٣.
٣ البيت من "الرمل". وهو مطلع قصيدة في الفخر. والخطاب لنفسه.
صحوت: أي تركت الصبا والباطل. شاقتك: هاجت شوقك. " هر ": اسم امرأة.
المستعر: الملتهب.
انظر: الديوان ٥٠، الكامل ٢/١٣٦٨، ما يحتمل الشعر من الضرورة ٨٩، الخصائص ٢/٢٢٨، ٣٢٠، ما يجوز للشاعر في الضرورة ١٢٢، شرح الجمل ٢/٥٧٨، الأشباه والنظائر ١/١٨٨.
٤ انظر: الخصائص ٢/٢٢٨. وانظر أيضًا: ٢/٣٢٠ من الكتاب نفسه.
٥ لم أقف على اسمه.
٦ "السريّ": اسم رجل. وورد الرجز في: الأصول ٣/٤٤٨، المحتسب ٢/٧٧، الموشح ٩٦، مايجوز للشاعر في الضرورة ١٢٢، ضرائر الشعر لابن عصفور ١٣٣.