Taʿaddud al-khulafāʾ wa-waḥdat al-umma fiqh-an wa-tārīkh-an wa-mustaqbal-an
تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا
Genres
آل محمد، وهو تعبير عام يشمل العلويين والعباسيين جميعًا؛ تمويهًا على الشيعة بوجه خاص، الأمر الذي يسقط رواية الوصية، فلو أن الإمامة انتقلت حقًّا من أبي هاشم إلى محمد بن علي لكان صرح بذلك، ولكانت الدعوة وجهت لآل العباس في ذلك الحين (١).
وكذلك يستند من يرفضون الرواية القائلة بالوصية إلى أن العباسيين بعد استئثارهم بمنصب الخلافة، عمدوا إلى تدعيم موقفهم أمام دعاوى الشيعة، فاستندوا إلى أن حق الوراثة في التشريع الإسلامي يتيح لهم وراثة النبي ﷺ لأن التشريع يقدم العم في الميراث على ابن البنت؛ ولذلك فإن العباسيين بوصفهم من نسل عم النبي ﷺ أولى بالخلافة من نسل فاطمة بنت رسول الله ﷺ (٢).
وفي المقابل يؤكد فريق آخر من الباحثين على أن رواية الوصية لا تمثل شيئًا بالنسبة لطموح العباسيين إلى الخلافة، وهو طموح موجود بالفعل، لا يقلل من شأنه نفي رواية الوصية أو التشكيك في صحتها، ومع ذلك فإنهم يرجحون صحة هذه الرواية لعدة أسباب منها:
١ - إن الدعوة السياسية خرجت إلى دائرة النور مباشرة بعد موت أبي هاشم.
٢ - الشيعة الكيسانية - وهي شيعة أبي هاشم - أطاعت للعباسيين بالفعل، مع أن دعوتها كانت سرية وباطنة منذ مقتل الحسين ﵁، أو على الأقل منها خرجت فرقة العباسية، التي تثبت الإمامة في ولد العباس.
٣ - إن صلة العباسيين بالكيسانية ليست جديدة، فقد كانت قائمة قبل وصية أبي هاشم، فابن عباس كان مؤيدًا لحركة المختار في الثأر لآل البيت.
ومع ذلك فثمة مسألة جديرة بالملاحظة، وهي أن تنازل أبي هاشم بن محمد ابن الحنفية لا يمكن أن يعد تنازلًا من العلويين جميعًا؛ لأن فريقًا كبيرًا منهم ظل متمسكًا بعقائد الشيعة الإمامية، بدليل قيامهم في وجه العباسيين بعد قيام دولتهم (٣).
(١) العصر العباسي الأول للسيد عبد العزيز سالم: ص ٢٠.
(٢) انظر الكتاب الذي وجهه أبو جعفر المنصور إلى محمد النفس الزكية ردًّا على كتابه في: الكامل لابن الأثير: ٥/ ٥٣٨.
(٣) تاريخ الإسلام للدكتور حسن إبراهيم حسن: ٢/ ١١.
1 / 249