214

Taʿaddud al-khulafāʾ wa-waḥdat al-umma fiqh-an wa-tārīkh-an wa-mustaqbal-an

تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

Genres

خوفُهم من أن يَليَهم قومٌ قتل الأنصار آباءَهم وأبناءَهم (١).
وقالوا إن تنصيب إمام في كل بلد يجعله أقدر على تحقيق مصالح الرعية ومتابعة شؤونهم، ومراقبة العمال والقضاة والولاة.
واستدل الكرًّامية بأن عليًا ﵁ ومعاوية ﵁ كانا إمامين (٢)، وبأنَّه لمَّا جاز بعثة نبيين في عصر واحد ولم يؤد ذلك إلى إبطال النبوة كانت الإمامة أولى ولا يؤدي ذلك إلى إبطال الإمامة. وأجاب القرطبي: أن ذلك جائز لولا منع الشرع منه لقوله ﷺ: «فاقتلوا الآخر منهما» ولأنَّ الأمَّة عليه.
وأما الاستدلال بجواز تعدد الأنبياء على جواز تعدد الأئمة فغير صحيح، لأن الأنبياء معصومون عن الخطأ، ومن جوَّز عليهم السهو لم يُجِزْ الإقرار عليه بل يُنهون في الوقت فيُؤمن من وقوع الفتنة، والأئمة غير معصومين ولا نأمن من وقوع الفتنة بتعددهم (٣).
كما استدل من قال بالتعدد عند الضرورة على نظرية الضرورة نفسها، وهذا واضح من اعتمادهم على الحجج المبنية على الضرورة والحاجة العامة مثل: أن تكون الحاجة تدعو لذلك، أو إذا بعد المدى وتخلل بين الإمامين شسوع النوى، أو يكون بين الصقعين حاجز من بحر أو عدو لا يطاق، ولم يقدر أهل كل من الصقعين على نصرة أهل الصقع الآخر (٤).
وأما معاوية ﵁ فلم يدَّعِ الإمامة لنفسه (٥) وإنَّما ادَّعى ولاية الشام بتولية مَنْ قَبْلَهُ من الأئمة، ومما يدل على هذا إجماع الأمة في عصرهما على أن الإمام أحدهما، ولم يقل أحدهما: إني إمام ومخالفي إمام (٦).

(١) سيرة ابن هشام: ٢/ ٦٥٦ - ٦٦٠. الطبقات الكبرى لابن سعد: ٣/ ١٨٢. تاريخ الطبري: ٣/ ٢٠١ - ٢٠٢. الفائق في غريب الحديث: ٣/ ١٦٦.
(٢) الملل والنحل للشهرستاني: ١/ ١١٣. فتاوى ابن تيمية: ٤/ ٤٣٨.
(٣) الغنية في أصول الدين لعبد الرحمن المتولي النيسابوري: ص ١٧٩.
(٤) الإرشاد للجويني: ص ٤٢٥. روضة الطالبين للنووي: ١٠/ ٤٧ كتاب الإمامة وقتال البغاة. الفَرْق بين الفِرَق للبغدادي: ص ٣٤١. حاشية الدسوقي: ٤/ ١٣٥ واقتصر عليه ابن عرفة إذا كان لا يمكن النيابة. الفواكه الدواني للنفراوي: ١/ ١٠٦. الموسوعة الفقهية ٦/ ٢٢٦: (الإمامة الكبرى: شروط صحة ولاية العهد).
(٥) مغني المحتاج للخطيب الشربيني: ٤/ ١٢٤ حيث ذكر أن عليًا ﵁ قاتل أهل صفين قبل أن ينصبوا إمامًا لهم. قلت: لأنهم بايعوا معاوية ﵁ بالخلافة بعد حادثة التحكيم.
(٦) تفسير القرطبي: ١/ ٢٧٤. وانظر: مجموع فتاوى ابن تيمية: ٤/ ٤٣٧ - ٤٣٨. منهاج السنة النبوية لابن = = تيمية: ١/ ٥٣٧ - ٥٣٨.

1 / 214