211

The Middle Dictionary of Al-Tabarani, Part Two

القسم الثاني من المعجم الأوسط للطبراني

Investigator

محمود محمد محمد عمارة السعدني

Genres

فيه الأمراء والعبيد كلهم سواء، بدليل أنَّ الإمام ابن عبد البرّ قد نقل الاتفاق على أنَّ خديجة أول من آمنت، ثم علي بن أبي طالب، ثم ذكر أنَّ الصحيح أنَّ أبا بكر ﵁ أول من أظهر إسلامه. (^١) وأخرج ابن حبَّان بسندٍ حسنٍ، من حديث أبي ذر، قال: كنتُ رابع الإسلام، أسلم قبلي ثلاثة، وأنا الرابع … الحديث. قال ابن حبَّان: أراد مِنْ قومه، لأنَّ في ذلك الوقت أسلم الخلق من قريش وغيرهم. (^٢) وأخرج البخاري في "صحيحه" من حديث سعد بن أبي وقَّاص ﵁، قال: لقد رَأَيْتَني وأنا ثلث الإسلام. (^٣) قال ابن حجر: ذلك بحسب اطلاعه، والسبب فيه: أنَّ منْ كان أسلم في ابتداء الأمر كان يُخفي إسلامه. قلتُ: ويقوِّي ذلك أنَّ عمرو بن عبسة ليس من أهل مكة، بل هو من بني سُليم، ولم يأتِ إلى النبي ﷺ إلا بعد علمه بظهوره ﷺ، وانتشار أمره، وكان قد دخل في الإسلام الكثير من الصحابة، لكنّ أغلبهم كان يُخفي إسلامه، فأخبر عمرو أنَّه رابع الإسلام باعتبار ما اطَّلع عليه، ويؤكد ذلك أنه رجع إلى أهله مباشرة بعد إسلامه، كما أمره النبي ﷺ، ولهذا لمْ تتسنَّى له الفرصة لمعرفة مَنْ دخل في هذا الدِّين من المسلمين. - والحديث يدعو الدعاة، والآمرين بالمعروف، أنَّه ينبغي عليهم أن لا يكلّفوا الناس بما لا يطيقون، ولا يتحمَّلون، لأنهم بذلك يخالفون أمر ربهم ابتداءً ولن يتحقق لهم مطلبهم انتهاءً، لذا كان النبي ﷺ لا يكلّف أصحابه إلا بما يعلم مقدرتهم عليه، وقد دعا أهل الإيمان ربهم، فقالوا: ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ (^٤)، وقال الله ﷾: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ (^٥)، وأخرج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث أبي هريرة ﵁، أنَّ النبي ﷺ قال: " ...... وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ". (^٦) وهنا النبي ﷺ يقول لعمرو بن عبسة: " الْحَقْ بِقَوْمِكَ، فَإِذَا سَمِعْتَ أَنَّا قَدْ ظَهَرْنَا، فَأْتِنَا "، وذلك لِما كان فيه الصحابة من شدة التعذيب والإيذاء، وهو أيضًا عين ما قاله النبي ﷺ لأبي ذر ﵁: "يَا أَبَا ذَرٍّ، اكْتُمْ هَذَا الأَمْرَ، وَارْجِعْ إِلَى بَلَدِكَ، فَإِذَا بَلَغَكَ ظُهُورُنَا فَأَقْبِلْ"، فقال أبو ذر: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ … الحديث. (^٧) * * *

(^١) يُنظر: "تدريب الراوي" (٢/ ٢٥٢). (^٢) يُنظر: "صحيح ابن حبَّان" (٧١٣٤). (^٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٣٧٢٦)، ك/ فضائل الصحابة، ب/ مناقب سعد بن أبي وقَّاص ﵁. (^٤) سورة البقرة، آية (٢٨٦). (^٥) سورة "الحج"، آية (٧٨). (^٦) البخاري (٧٢٨٨) ك/الاعتصام، ب/الاقتداء بسنن النبي ﷺ، ومسلم (١٣٣٧) ك/الحج، ب/فرض الحج مرَّة في العمر. (^٧) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٣٨٦١) ك/ مناقب الأنصار، ب/ إسلام أبي ذر ﵁، ومسلم في "صحيحه" (٢٤٧٤) ك/ فضائل الصحابة، ب/ من فضائل أبي ذر ﵁. وما ذكرتُهُ جزء من حديث طويل في قصة إسلام أبي ذر ﵁.

1 / 211