The Messengers and the Messages

Omar Suleiman al-Ashqar d. 1433 AH
119

The Messengers and the Messages

الرسل والرسالات

Publisher

مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع،الكويت،دار النفائس للنشر والتوزيع

Edition Number

الرابعة

Publication Year

١٤١٠ هـ - ١٩٨٩ م

Publisher Location

الكويت

Genres

في اليوم الذي وقع فيه الحدث، رواه البخاري (١) . وعندما توفي النجاشي أخبر بوفاته في اليوم نفسه الذي توفي فيه، وكذلك عندما توفي كسرى. جزيرة العرب كانت جنات وأنهارًا وحضارة عاد إرم ذات العماد: أخبرنا الرسول ﷺ في الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه " أن أرض العرب ستعود جنات وأنهارًا " (٢) وهذا يفيد أن جزيرة العرب كانت في الماضي جنانًا وارفة الظلال، تجري من تحتها الأنهار، وهذا يدل على وجود حضارات قامت في تلك الجنان، وعلى شطآن تلك الأنهار، وقد أخبرنا القرآن عن حضارة قوم عاد، وهي مدينة «إرم» التي لم يخلق مثلها في البلاد. وقوم عاد أصحاب مدينة «إرم» ليس لهم ذكر في كتب أهل الكتاب لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في غيرهما، وقد شكك كثير من علماء التاريخ بوجود عاد كما شككوا بوجود حاضرتهم «إرم» . واستمر الحال على ذلك إلى أن ظهر صدق ما أخبر به الرسول ﷺ من أن أرض العرب كانت جنات وأنهارًا، وصدق ما أخبر به القرآن عن عاد وحاضرتها «إرم» ففي رحلة من رحلات الفضاء. زود مكوك الفضاء بجهاز رادار له قدرة اختراق التربة إلى عشرة أمتار، وحين مر المكوك بصحراء الربع الخالي، صور مجرى لنهرين جافين يندفع أحدهما من الغرب إلى الشرق والآخر من الجنوب إلى الشمال، فانبهر الأمريكيون لهذا الاكتشاف الذي لا يوجد عند علمائهم علم به. وفي رحلة ثانية زودوا المكوك بجهاز رادار له قدرة اختراق أكبر، فصور مجرى النهرين وأنهما يصبان في بحيرة قطرها يزيد على أربعين كيلومترًا في جنوب شرق الربع الخالي، وصور المكوك بين مصبي النهرين وعلى ضفاف البحيرة عمرانًا لا تعرف البشرية نظيرًا له في ضخامته، فجمعوا علماء التاريخ وعلماء الآثار وعلماء الأديان، وقالوا ماذا يمكن أن يكون هذا العمران؟ فأجمعوا على أنه قصور إرم التي وصفها القرآن الكريم بقول الحق ﵎: (إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ - الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ) [الفجر: ٧-٨] . وقالوا في تقريرهم: إن البشرية لم تعرف في تاريخها الطويل عمرانًا في ضخامة هذا العمران. واكتشفوا حينما بدأوا في إزالة الرمال عن هذه المدينة قلعة ثمانية الأضلاع على أسوار المدينة، مقامة على أعمدة ضخمة عديدة يصفها ربنا ﵎ بقوله عز من قائل: (إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ - الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ) [الفجر: ٧-٨] . وذكر التقرير أن هذه الحضارة التي لم يكن يدانيها في زمانها حضارة أخرى قد طمرتها عاصفة رملية غير عادية، وقد أطال القرآن القول في عاد وحاضرتهم «إرم» وتكذيبهم لرسولهم هود، وكيف حل بهم العذاب، إذ أرسل الله عليهم ريحًا صرصرًا في أيام نحسات، استمرت تضرب ديارهم سبع ليالٍ وثمانية أيام حسومًا، وقد أبقى الله مساكنهم قائمة ليأتي الباحثون عن الخافي في باطن الأرض، فتظهر آلاتهم ما حدّث به القرآن قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام، على النحو الذي أخبر به، يقول الحق ﵎: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ - مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) [الذاريات: ٤١-٤٢] . ويقول عز من قائل: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ - فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ) [فصلت: ١٥-١٦] . ويقول: (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ - قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ - قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ - فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ - تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ - وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون) [الأحقاف: ٢١-٢٦] . ويقول: (كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ - إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ - تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ - فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ - وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) [القمر: ١٨-٢٢] . ويقول: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ - سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ - فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ) [الحاقة: ٦-٨] . ويقول: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ - إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ - الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ) [الفجر: ٦-٨] (٣) . ومن ذلك إخباره بالغيوب الآتية، وبعض هذه الأخبار كان يقع ويتحقق في الحال أو بعد فترة وجيزة. فمن ذلك أنه أخبر بالمواضع التي سيصرع فيها صناديد الكفر قبل وقوع معركة بدر، عن أنس ﵁، قال: فندب رسول الله ﷺ الناس، فانطلقوا حتى نزلوا بدرًا، فقال رسول الله ﷺ: " هذا مصرع فلان " ويضع يده هاهنا هاهنا، قال: فما ماط [أي ما بعد، وما تجاوز] أحدهم عن موضع يد رسول الله ﷺ، رواه مسلم (٤) . ومن هذه الغيوب التي أخبر بها ما وقع بعد وفاته، فمن ذلك ما رواه أبو هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله " (٥) . وقد وقع الأمر كما أخبر صلوات الله وسلامه عليه. وقد أكثر الرسول ﷺ من الإخبار مما سيقع في مقبل الزمان، قال حذيفة بن اليمان، قام فينا رسول الله ﷺ مقامًا، فما ترك شيئًا يكون من قيامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدّثه، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته، فأراه فأذكره، كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه " رواه البخاري ومسلم وأبو داود (٦) . ومن ذلك ما أخبر به من الفتن وأشراط الساعة وغير ذلك، وقد تكفلت بذكرها كتب الحديث.

(١) صحيح البخاري: ٤٢٦٢. (٢) صحيح مسلم: (١٥٧) (٦٠) بعد الحديث رقم (١٠١٢) (٥٩) . (٣) راجع: الإعجاز العلمي في القرآن للدكتور زغلول النجار: ١/٦٦-٦٨. نشر مكتبة الشروق الدولية. القاهرة. الثالثة. ١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢م. (٤) مشكاة المصابيح: (٣/١٦٧) وانظر صحيح مسلم: ١٧٧٩. (٥) صحيح البخاري: ٣١٢٠. وصحيح مسلم: ٢٩١٨ واللفظ للبخاري. (٦) جامع الأصول: (١٢/٦٣) .

1 / 148