وظهر - كذلك - في توجيهاته ﷺ التي تمثلت في ذم التكلف والغلو والتشادق والتفيهق، كما اتضح هذا المقياس على نحو محدد في نقد عمر حينما أبدى رأيه في زهير في شعره.
ثالثًا: تحديد الأسباب وذكر العلل:
اتسم النقد الأدبي في هذا العصر، باتجاهه نحو الدقة في إصدار الأحكام، والوضوح في ذكر الأسباب والتفصيل في تبيان العلل، التي بمقتضاها يتم الحكم على العمل الأدبي وتقويمه، وقد رأينا هذا واضحا جليا في نقدات عمر ﵁.
رابعًا: استعمال المصطلحات النقدية:
لأول مرة تستعمل في محيط النقد الأدبي ألفاظ تتصل بهذا الفن؛ لتدل على سير هذا الفن خطوات إلى الأمام فاستعمل لأول مرة لفظ (البيان) في قوله ﷺ: "إن من البيان لسحرا"، ولفظ (البلاغة) مشتقا منه لفظ البليغ في قوله ﷺ: "إن الله تعالى يبغض البليغ من الرجال..".
خامسًا: التوجهات النقدية:
كان رسول الله ﷺ كثيرا ما يوجه الأدباء والشعراء إلى ما يحسن به أدبهم ويرتفع باتباعه شعرهم، من تلك التوجيهات النقدية، حتى يعينهم اتباعها على تحسين أعمالهم، وبلوغها حد الكمال الأدبي من تلك التوجيهات التي أوردنا طرفا منها آنفا.
سادسا: مقياس التخصص:
ويتضح هذا المقايس مما سبق أن ذكرناه من استعانة عمر بن الخطاب ﵁ بحسان بن ثابت في الحكم على شعر النجاشي حين هجا تميم بن مقبل وقومه من بني العجلان، وذلك على الرغم من فهم عمر للشعر وتذوقه له، إيمانا منه بمبدأ الرجوع إلى المتخصصين في هذا الفن، فعمر يأبى أن يصدر في حكومة حول الشعر برأيه، ويستدعي من يعدهم نقادا متخصصين ويأخذ برأيهم.