The Illuminating Interpretation - Al-Zuhaili

Wahbah al-Zuhayli d. 1436 AH
89

The Illuminating Interpretation - Al-Zuhaili

التفسير المنير - الزحيلي

Publisher

دار الفكر (دمشق - سورية)

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١١ هـ - ١٩٩١ م

Publisher Location

دار الفكر المعاصر (بيروت - لبنان)

Genres

والمنافقون، أمر جميع الناس ومنهم مشركو مكة بعبادته والاستكانة والخضوع له بالطاعة، وإفراد الربوبية والوحدانية له، وعبادته دون الأوثان والأصنام والآلهة التي كانوا يعبدونها، لأنه تعالى هو خالقهم وخالق من قبلهم من آبائهم وأجدادهم، وخالق أصنامهم وأوثانهم وآلهتهم، ولأنه المنعم المتفضل على جميع الخلائق بخيرات الأرض والسماء. التفسير والبيان: يأمر الله تعالى جميع الناس من مشركي مكة وغيرهم بعبادته وحده، كما أمرهم على لسان الأنبياء السابقين في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللهَ، وَاجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ﴾ [النحل ٣٦/ ١٦] أي الأوثان. وأصل العبادة: الخضوع والتذلل، ويراد بها هنا توحيد الله والتزام شرائع دينه، ونبذ عبادة الأصنام. والسبب أن هذا الرب العظيم يستحق إفراده بالعبادة، لأنه خالق العباد جميعهم، المأمورين وأسلافهم، ومدبر شؤونهم، وواهبهم ما يحتاجونه من طرق الهداية ووسائل المعرفة. وللعبادة ثمرة مؤكدة هي الوصول للتقوى والظفر بالفوز والنجاح والهدى وبلوغ درجة الكمال، لأن من ذرأه الله لجهنم لم يخلقه ليتقي، ومن عبد الله حق العبادة تحققت تقواه التي يحبها الله من عباده. وبما أن الأصل في كلمة «لعل» للترجي والتوقع، وهو مستحيل من الله القدير الأعلى للعبد الضعيف الأدنى، فكان المراد به: افعلوا ذلك راجين الوصول للتقوى، أو لتعقلوا ولتذكروا ولتتقوا. والأمر بالعبادة أيضا لأنه سبحانه جعل الأرض مهادا وقرارا للاستقرار عليها، والحياة والإقامة فيها بهدوء واطمئنان، بالرغم من دورانها وكرويتها، فهي ثابتة بالجبال الراسيات: ﴿وَالْجِبالَ أَوْتادًا﴾ [النبأ ٧/ ٧٨]، ولأنه جعل السماء سقفا مرفوعا فوق الأرض كالقبة، تظلّ الناس بالخير والبركة، وأحكم

1 / 96