Al-Luʾluʾ al-maknūn fī sīrat al-nabī al-maʾmūn
اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون
Publisher
المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
Publisher Location
الكويت
Genres
مَكَّةَ مَع بَنِي كِنَانَةَ فَخَرَجُوا فِي أَثَرِهَا -وَكَانَتْ ﵂ حَامِلًا- فَأدْرَكَهَا هَبَّارُ بنُ الأَسْوَدِ، فَلَمْ يَزَلْ يَطْعَنُ بَعِيرَهَا بِرُمْحِهِ حَتَّى صَرَعَهَا، فَأَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا وَاهْرِيقَتْ دَمًا، فَانْطَلَقَ بِهَا، وَاشْتَجَرَ فِيهَا بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو أُمَيَّةَ، فَقَالَ بَنُو أُمَيَّةَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِهَا، وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ عَمِّهِمْ أَبِي العَاصِ بنِ الرَّبِيعِ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ، فَكَانَتْ عِنْدَ هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَتْ تَقُولُ لَهَا هِنْدٌ: هَذَا فِي سَبَبِ أَبِيكِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِزَيْدِ بنِ حَارِثَةَ: "ألا تَنْطَلِقُ فتَجِئُ بِزَيْنَبَ؟ " (١)، قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ ﷺ: "فَخُذْ خَاتَمِي هَذَا، فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ"، فَانْطَلَقَ زَيْدٌ، فَلَمْ يَزَلْ يَلْطُفُ (٢) وَتَرَكَ بَعِيرَهُ حَتَّى أَتَى رَاعِيًا، فَقَالَ لَهُ: لِمَنْ تَرْعَى؟ قَالَ: لِأَبِي العَاصِ بنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: فَلِمَنْ هَذِهِ الغَنَمُ؟ قَالَ: لِزَيْنَبَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَسَارَ مَعَهُ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ شَيْئًا تُعْطِيَهَا إِيَّاهُ، وَلَا تَذْكُرُهُ لِأَحَدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَعْطَاهُ الخَاتَمَ، فَانْطَلَقَ الرَّاعِي،
(١) قال الإمام الطحاوي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في شرح مشكل الآثار (١/ ١٣٥): تأمَّلنا ما كان من رَسُول اللَّهِ ﷺ في هذا الحديث من إطلاقه لِزَيد السَّفر بزينب، فوجدنا زَيْدًا قد كان حِينَئِذٍ في تَبَنِّي رَسُول اللَّهِ ﷺ إياه، حَتَّى كان يُقال له: زَيْدُ بن محمد، ولم يَزَل بعد ذلك كذلك إلى أن نسخ اللَّه ذلك، فأخرَجَهُ من بُنُوَّته، . . . فوقفنا على أن ما كان أمر به ﷺ زيدًا قبل ذلك في زينب وفي إباحته لها وله السفر من كل واحد منهما مع صاحبه، كان على الحكم الأول، وفي الحال التي كان زيدٌ فيها أَخًا لزينب، فكان بذلك مَحْرمًا لها، جائزًا له السفر بها، كما يَجُوز لأخ لو كان لها من النسب من السفر بها.
(٢) يُقال: يَلْطُف لطفًا: إذا رَفق، أي أنه كان ﵁ رَفِيقًا بِبَعِيره. انظر لسان العرب (١٢/ ٢٨٣).
2 / 471