المَدِينَةَ، فَفَدَى أَبَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَرَجَعَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ (١)
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: وَكَانَ هَذَا أَوَّلَ أَسِيرٍ فُدِيَ (٢).
* فِدَاءُ سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو ﵁-:
مِنْ بَيْنِ الأُسَارَى سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو، وَكَانَ خَطِيبًا مُصَقَّعًا مَفُوَّهًا، فَقَالَ عُمَرُ ﵁: يَا رَسُولَ اللَّهِ! دَعْنِي أَنْزع ثَنِيّتَي سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو يَدْلَعُ (٣) لِسَانَهُ، فَلَا يَقُومُ عَلَيْكَ خَطِيبًا فِي مَوْطِنٍ أَبَدًا، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَقَالَ: "إِنَّهُ عَسَى أَنْ يَقُومَ مَقَامًا لَا تَذُمُّهُ" (٤).
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: وَهَذَا المَقَامُ الذِي قَامَهُ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو ﵁ كَانَ بِمَكَّةَ حِينَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَارْتَدَّ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ العَرَبِ، وَنَجَمَ (٥) النِّفَاقُ بِالمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا، فَقَامَ بِمَكَّةَ، فَخَطَبَ النَّاسَ، وَثَبَّتَهُمْ عَلَى الدِّينِ الحَنِيفِ (٦).
وَكَانَ الذِي افتدَى سُهَيْلَ بنَ عَمْرٍو، هُوَ مِكْرَزُ بنُ حَفْصِ بنِ الأَخْيَفِ (٧).
(١) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٣٨٦٤) وإسناده ضعيف - وانظر البداية والنهاية (٣/ ٣٢٨) - سيرة ابن هشام (٢/ ٢٦٠).
(٢) انظر البداية والنهاية (٣/ ٣٢٨).
(٣) يَدْلَع لسانه: أي يُخْرِجُهُ من فَمِهِ حَتَّى يَسْتَرْخِي. انظر لسان العرب (٤/ ٣٨٩).
(٤) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٢٦٠) - البداية والنهاية (٣/ ٣٢٩) - الإصابة (٣/ ١٧٨).
(٥) نَجَمَ: طلع وظهر. انظر لسان العرب (١٤/ ٥٩).
(٦) انظر البداية والنهاية (٣/ ٣٢٩).
(٧) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٢٦٠) - البداية والنهاية (٣/ ٣٢٩).