Al-Luʾluʾ al-maknūn fī sīrat al-nabī al-maʾmūn
اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون
Publisher
المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
Publisher Location
الكويت
Genres
أَكْثَرِ أُولَئِكَ الأَسْرَى، وَلخُرُوجِ مَنْ خَرَجَ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَلحُصُولِ القُوَّةِ التِي حَصلَتْ لِلْمُسْلِمِينَ بِالفِدَاءَ، وَلمُوَافَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِأَبِي بَكْرٍ أَوَّلًا، وَلمُوَافَقَةِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ آخِرًا حَيْثُ اسْتَقَرَّ الأَمْرُ عَلَى رَأْيِهِ، وَلكَمَالِ نَظَرِ الصِّدِّيقِ ﵁، فَإِنَّهُ رَأَى مَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ حُكْمُ اللَّهِ آخِرًا، وَغَلَّبَ جَانِبَ الرَّحْمَةِ عَلَى جَانِبِ العُقُوبَةِ.
قَالُوا: وَأَمَّا بُكَاءُ النَّبِيِّ ﷺ، فَإِنَّمَا كَانَ رَحْمَةً لِنُزُولِ العَذَابِ لِمَنْ أَرَادَ بِذَلِكَ عَرَضَ الدُّنْيَا، وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ ﷺ، وَلَا أَبُو بَكْرٍ، وَإِنْ أَرَادَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ، فَالفِتْنَةُ كَانَتْ تَعُمُّ، وَلَا تُصِيبُ مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ خَاصَّةً، كَمَا هُزِمَ العَسْكَرُ يَوْمَ حُنَيْنٍ بِقَوْلِ أَحَدِهِمْ: لَنْ نُغْلَبَ اليَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ، وَبِإْعَجاِب كَثْرَتِهِمْ لِمَنْ أَعْجَبتْهُ مِنْهُمْ، فَهُزِمَ الجَيْشُ بِذَلِكَ فِتْنَةً وَمِحْنَةً، ثُمَّ اسْتَقَرَّ الأَمْرُ عَلَى النَّصْرِ وَالظَّفَرِ وَاللَّه أَعْلَمُ (١).
* نسْخُ حُكْمِ الفِدَاءِ وَجَعْله لِلْإِمَامِ:
كَانَ أَخْذُ الفِدَاءِ فِي أَوَّلِ الإِسْلَامِ، ثُمَّ جُعِلَ فِيمَا بَعْدُ الخِيَارُ لِلْإِمَامِ بَيْنَ القَتْلِ أَوِ الفِدَاءِ أَوِ المَنِّ مَا عَدَا الأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذْ لَا يَجُوزُ قتلُهُمْ، مَا دَامُوا
= مسعود ﵁ قال: قال رَسُول اللَّهِ ﷺ: ". . . وإن مَثَلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم ﵇، قال: ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، ومثلك يا أبا بكر كمثل عيسى ﵇، قال: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، وإن مثلك يا عمر كمثل نوح ﵇، قال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾، وإن مثلك يا عمر كمثل موسى ﵇، قال: ﴿وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ ".
(١) انظر زاد المعاد (٣/ ١٠١).
2 / 463