Al-Luʾluʾ al-maknūn fī sīrat al-nabī al-maʾmūn
اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون
Publisher
المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
Publisher Location
الكويت
Genres
فَوَاللَّهِ إِنِّي لَجَالِسٌ فِيهَا أنْحَتُ أقْدَاحِي، وَعِنْدِي أُمُّ الفَضْلِ جَالِسَة، وَقَدْ سَرَّنَا مَا جَاءَنَا مِنَ الخَبَرِ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو لَهَبٍ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ بِشَرٍّ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى طُنُبِ (١) الحُجْرَةِ، فَكَانَ ظَهْرُهُ إِلَى ظَهْرِي، فبيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ، إِذَا قَالَ النَّاسُ: هَذَا أَبُو سُفْيَانَ بنُ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ قَدْ قَدِمَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو لَهَبٍ: هَلُمَّ إِلَيَّ فَعِنْدَكَ لَعَمْرِيَ الخَبَرُ، قَالَ: فَجَلَسَ إِلَيْهِ، وَالنَّاسُ قِيَامٌ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي! أخْبِرْنِي كَيْفَ كَانَ أمْرُ النَّاسِ؟ .
قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ لَقِينَا القَوْمَ فَمَنَحْنَاهُمْ أكْتَافنَا يَقْتُلُونَنَا كَيْفَ شَاؤُوا، وَأَيْمُ اللَّهِ مَعَ ذَلِكَ مَا لُمْتُ النَّاسَ، لَقِينَا رِجَالًا بِيضًا، عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ، بَيْنَ السَّمَاءَ وَالأَرْضِ، وَاللَّهِ مَا تُلِيقُ (٢) شَيْئًا، وَلَا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ.
قَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَرَفَعْتُ طُنُبَ الحُجْرَةِ بِيَدِي، ثُمَّ قُلْتُ: تِلْكَ وَاللَّهِ المَلَائِكَةُ، قَالَ: فَرَفَعَ أَبُو لَهَبٍ يَدَهُ فَضَرَبَ بِهَا وَجْهِي ضَرْبَةً شَدِيدَةً، فَثَاوَرْتُهُ (٣) فَاحْتَمَلَنِي فَضَرَبَ بِيَ الأَرْضَ، ثُمَّ بَرَكَ عَلَيَّ يَضْرِبُنِي، وَكُنْتُ رَجُلًا ضَعِيفًا، فَقَامَتْ أُمُّ الفَضْلِ إِلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِ الحُجْرَةِ فَأَخَذَتْهُ، فَضَرَبَتْهُ بِهِ ضَرْبَةً فَلقتْ (٤) فِي رَأْسِهِ شَجَّةً مُنْكَرَةً، وَقَالَتْ لِأَبِي لَهَبٍ: اسْتَضْعَفْتَهُ أَنْ غَابَ عَنْهُ سَيِّدُهُ؟ .
(١) الطُّنُبُ: وهو الطرف والناحية، ويُطلق أيضًا على الحبل الذي تشد به الخيمة. انظر النهاية (٣/ ١٢٧) - لسان العرب (٨/ ٢٠٥).
(٢) ما تُلِيقُ: لا يَثْبُتُ أمامها شيء. انظر لسان العرب (١٢/ ٣٧٨).
(٣) المُثَاوَرَة: المُوَاثبة. انظر لسان العرب (٢/ ١٤٨).
(٤) الفَلْق بسكون اللام: الشّق. انظر النهاية (٣/ ٤٢٣).
2 / 442