The Guide and the Guided
الهادي والمهتدي
Publisher
(بدون ناشر) (طُبع على نفقة رجل الأعمال الشيخ جمعان بن حسن الزهراني)
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٧ هـ - ٢٠١٥ م
Genres
المسلمين، وحضر من المهاجرين أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ﵃ لما علموا باجتماع الأنصار على رأس سيدهم، فتكلم أبو بكر ﵁؛ حمد الله وأثنى عليه ثم قال: "يا معشر الأنصار، إنا والله ما ننكر فضلكم، ولا بلاءكم في الإسلام، ولا حقكم الواجب علينا، ولكنكم قد عرفتم أن هذا الحي من قريش بمنزلة من العرب، ليس بها غيرهم، وأن العرب لن تجتمع إلا على رجل منهم، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، فاتقوا الله ولا تصدعوا الإسلام، ولا تكونوا أول من أحدث في الإسلام، ألا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين - قال عمر: لي، ولأبي عبيدة بن الجراح - فأيهما بايعتم فهو لكم ثقة"، قال: عمر ﵁ "فو الله ما بقي شيء كنت أحب أن أقوله إلا وقد قاله يومئذ، غير هذه الكلمة - يعني ترشيحه - فو الله لأن أقتل ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا في غير معصية، أحب إلي من أن أكون أميرا على قوم فيهم أبو بكر، قال: ثم قلت: يا معشر الأنصار، يا معشر المسلمين، إن أولى الناس بأمر رسول الله ﷺ من بعده ثاني اثنين إذ هما في الغار: أبو بكر السبّاق المبين، ثم أخذت بيده وبادرني رجل من الأنصار، فضرب على يده قبل أن أضرب على يده، ثم ضربت على يده وتتابع الناس" (١)، فصدق قول رسول الله ﷺ لعائشة ﵂: «ادعي لي أباك وأخاك، حتى اكتب لأبي بكر كتابا، فإني أخاف أن يتمنى متمن، ويقول قائل، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» (٢)، ولم يكتب ﷺ شيئا، وأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر ﵁، واجتمعت عليه الكلمة، ولم ينازع في ذلك بقول ولا فعل، لا من الأنصار وسيدهم سعد بن عبادة ﵃، ولا من علي وبني هاشم ﵃، وعلموا أن ذلك اختيار من الله ﷿ لأمة محمد ﷺ، وقد تخلف سعد بن عبادة ﵁ عن بيعة أبي بكر ﵁، وخرج من المدينة ولم ينصرف إليها إلى أن مات بحوران من أرض الشام (٣) قد يكون في نفسه شيء، لكنه ﵁ لم ينازع في الأمر، ولم يغمز أبا بكر ولا أحدا من المهاجرين؛ فهو يعلم مكانة أبي بكر في الإسلام وعند رسول الله ﷺ، ولكي يحمي نفسه من حب السيادة على الأمة خرج من
(١) أخرجه ابن أبي شيبة، المصنف (٨/ ٥٧١). (٢) أخرجه مسلم حديث (٢٣٨٧) .. (٣) الاستيعاب ١/ ١٧٩.
1 / 187