The Fundamentals of Da'wah - Al-Madinah University
أصول الدعوة - جامعة المدينة
Publisher
جامعة المدينة العالمية
Genres
وبعد إنكار العجلة عليهم في نقل الأخبار يجيء التحذير من العودة إلى مثل هذا الاستعجال؛ فيقول تعالى: ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (النور: ١٧) فلا بد من التروّي ولا بد التأني، ولا بد من التثبت والتبين، ومنها النهي عن العجلة في الحكم على الناس قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ (النساء: ٩٤) أي: إذا سافرتم في الغزو فتبينوا؛ أي: فاطلبوا بيان الأمر في كل ما تأتون وما تذرون ولا تعجلوا فيه بغير تدبر ورويّة، ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ (النساء: ٩٤) أي: لا تقولوا بغير تدبر لمن حياكم بتحية الإسلام أو من ألقى إليكم مقاليد الاستسلام والانقياد لست مؤمنًا، وإنما أظهر ما أظهر متعوذًا؛ بل اقبلوا منه ما أظهره وعاملوه بموجبه.
عن ابن عباس ﵄ قال: "كان رجل في غُنيمة له؛ فلحقه المسلمون فقال: السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا بتلك الغنيمة؛ فأنزل الله في ذلك قوله: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ (النساء: ٩٤) "، فلا يجوز التعجّل في الحكم على الناس بالكفر قبل البيان، بل لا يجوز للعامة أن يشغلوا أنفسهم بمسألة التكفير، فإن باب التكفير باب خطير، أقدم عليه كثير من الناس فسقطوا، وتوقف فيه الفحول فسلموا، ولا نعدل بالسلامة شيئًا.
ومنها النهي عن العجلة في القضاء: عن علي ﵁ قال: "بعثني رسول الله ﷺ إلى اليمن قاضيًا فقلت: يا رسول الله، تُرسلني وأنا حديث السن، ولا علم لي بالقضاء، فقال ﷺ: «إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان، فلا تقضينّ حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبيّن لك القضاء» قال علي: فما زلت قاضيًا، أو ما شككت في قضاء بعد".
1 / 12