310

Uṣūl al-daʿwa - Jāmiʿat al-Madīna

أصول الدعوة - جامعة المدينة

Publisher

جامعة المدينة العالمية

Genres

فالخلق عبارة عن هيئة في النفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروي ّ ة، فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة المحمودة عقل ً اوشرع ً اسميت تلك الهيئة خلق ً احسن، وإن كان صادر عنها الأفعال القبيحة سميت خلق ًا سيئ ًا. فإذا كان المؤمن بحاجة إلى حسن الخلق؛ فإن الداعية إلى الله ﷾ هو أحوج المؤمنين إلى حسن الخلق؛ إذ بحسن خلقه ي ُ قبل عليه المدعو ُّ ون، ويستمعون له، ويتبعونه، وينتفعون بدعوته، ولذلك قال الله ﵎ للنبي ﷺ: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ (آل عمران: ١٥٩).
والأخلاق الحميدة التي دعا إليها الإسلام كثيرة جد ًّ ا، ويكفي أن يتخل َّ ق الداعية بكل خلق حسن ذكره الله ﵎ في القرآن الكريم، ودعا إليه وحمد أهله وأثنى عليهم؛ اقتضاء بالنبي ﷺ، فلقد تخلق بمكارم الأخلاق كلها كما أمره ربه في القرآن الكريم، ولذلك لما س ُ ئلت أمنا عائشة ﵂ عن خلقه ﷺ قالت للسائل: أتقرأ القرآن؟ قال: نعم. قالت: «كان خلقه القرآن».
من الأخلاق التي يجب أن يتخلق بها الداعية: الإخلاص
أمر الله ﵎ بالإخلاص في القرآن الكريم في أكثر من آية فقال سبحانه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ (الزمر: ٢)، وقال سبحانه: ﴿فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾، وقال سبحانه: ﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ (غافر: ٦٥)، وبي َّ ن ﷾ أنه أمر السابقين بالإخلاص كما أمر الأخيرين، فقال عن السابقين: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ (البينة: ٥)، وبي َّ ن الله ﷾ أن الإخلاص شرط في قبول

1 / 337