252

Al-manhaj al-taʾṣīlī li-dirāsat al-tafsīr al-taḥlīlī

المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي

Genres

ويؤكد ابن كثير نفس المعنى فيقول أيضًا: «وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ [لقمان: ١٨] يَقُولُ: لَا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ عَنِ النَّاسِ إِذَا كَلَّمْتَهُمْ أَوْ كَلَّمُوكَ، احْتِقَارًا مِنْكَ لَهُمْ، وَاسْتِكْبَارًا عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ أَلِنْ جَانِبَكَ، وَابْسُطْ وَجْهَكَ.
وتصعير الوجه عن الناس مع ما فيه من معنى التكبر، هو الحامل والداعي إلى احتقار الناس وازدرائهم، وهذا المعنى يجليه قول ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁ فِي قَوْلِه: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ [لقمان: ١٨] يَقُولُ: لَا تَتَكَبَّرْ فَتَحْقِرَ عِبَادَ اللَّهِ، وَتُعْرِضَ عَنْهُمْ بِوَجْهِكَ إِذَا كَلَّمُوكَ» (^١).
وفي ختام معنى الآية يورد القرطبي كلامًا نفيسًا فيقول: «﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ [لقمان: ١٨] مَعْنَى الْآيَةِ: وَلَا تُمِلْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ كِبْرًا عَلَيْهِمْ وَإِعْجَابًا وَاحْتِقَارًا لَهُمْ. وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ. وَقِيلَ: هُوَ أَنْ تَلْوِيَ شِدْقَكَ إِذَا ذُكِرَ الرَّجُلُ عِنْدَكَ كَأَنَّكَ تَحْتَقِرُهُ; فَالْمَعْنَى: أَقْبِلْ عَلَيْهِمْ مُتَوَاضِعًا مُؤْنِسًا مُسْتَأْنِسًا، وَإِذَا حَدَّثَكَ أَصْغَرُهُمْ فَأَصْغِ إِلَيْهِ حَتَّى يُكْمِلَ حَدِيثَهُ، وَكَذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَفْعَل» (^٢).

(^١) ابن كثير (٦/ ٣٣٩).
(^٢) القرطبي (١٤/ ٦٦).

1 / 252