Al-manhaj al-taʾṣīlī li-dirāsat al-tafsīr al-taḥlīlī
المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي
Genres
رابعًا: بر الوالدين من أسباب إجابة الدعاء:
عن عمر بن الخطاب ﵁ قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «يأتي عليكم أُويسُ بن عامرٍ مع أمدادِ أهل اليمن من مُرَادٍ، ثم مِن قرنٍ، كان به برصٌ، فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدةٌ هو بها بَرّ لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل» (^١).
خامسًا: بر الوالدين مقدّم على الجهاد:
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ قال: جاء رجل إلى نبي الله ﷺ يستأذنه في الجهاد، فقال: «أحيٌّ والداك؟» قال: نعم، قال: «ففيهما فجاهد» (^٢).
- عن طلحة بن معاوية السلم ﵁ قال: أتيت النبي ﷺ فقلت: يا رسول الله، إني أريد الجهاد في سبيل الله. قال: «أمك حية؟» قلت: نعم، قال النبي ﷺ: «الزم رجلها فثم الجنة!» (^٣).
وَقد تقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ أن بِرَّ الْوَالِدَيْنِ مقدم عَلَى الْجِهَادِ؛ لأِنَّ بِرَّهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهِ، وَلَا يَنُوبُ عَنْهُ فِيهِ غَيْرُهُ. فَقَدْ قَال رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ ﵄: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَغْزُوَ الرُّومَ، وَإِنَّ أَبَوَيَّ مَنَعَانِي. فَقَال: «أَطِعْ أَبَوَيْكَ، فَإِنَّ الرُّومَ سَتَجِدُ مَنْ يَغْزُوهَا غَيْرَكَ» (^٤).
سادسًا: وجوب بر الوالدين وإن كانا مشركين:
فعن أسماء بنت أبي بكر ﵄ قالت: قدمت عليَّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله ﷺ فاستفتيت رسول ﷺ قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلُ أمي؟ قال: «نعم صِلِي أمك» (^٥). وقد مر معنا الحديث بطوله.
فبر الوالدين الكافرين والإحسان إليهما رغَّب فيه الشارع اعترافًا بحقهما ووفاءً لما قدماه.
قال تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا
(^١) رواه مسلم (٢٥٤٢) كتاب فضائل الصحابة: باب فضائل أويس القرني.
(^٢) متفق عليه، أخرجه مسلم في كتاب البرّ والصِّلة: باب برّ الوالدين وأنَّهما أحقّ به، (برقم: ٢٥٤٩) (٤/ ١٩٧٤).
(^٣) صحيح الترغيب للألباني (٢٤٨٣).
(^٤) المهذب في فقه الإمام الشافعي (٢/ ٢٣٠). هذا إلا إذا تعين الجهاد وأعلن الإمام النفير (الباحث).
(^٥) رواه البخاري (٢/ ٩٢٤) (برقم: ٢٤٧٧)، ومسلم (٢/ ٦٩٦) (برقم: ١٠٠٣). وَوَالِدَةُ أَسْمَاءَ هِيَ قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ أَسَدٍ. وَأُمُّ عَائِشَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ هِيَ أُمُّ رُومَانَ قَدِيمَةُ الْإِسْلَامِ.
1 / 214