208

Al-manhaj al-taʾṣīlī li-dirāsat al-tafsīr al-taḥlīlī

المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي

Genres

وفي بيان معنى الشكر يقول القاسمي: «الشُّكْرُ مَبْنِيٌّ عَلَى خَمْسِ قَوَاعِدَ:
الأول: خُضُوعُ الشَّاكِرِ لِلْمَشْكُورِ.
الثاني: حُبُّهُ لَهُ.
الثالث: اعْتِرَافُهُ بِنِعْمَتِهِ.
الرابع: الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِهَا.
الخامس: أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهَا فِيمَا يَكْرَهُ.
هَذِهِ الْخَمْسَةُ هِيَ أَسَاسُ الشُّكْرِ، وَبِنَاؤُهُ عَلَيْهَا، فَإِنَّ عُدِمَ مِنْهَا وَاحِدَةٌ، اخْتَلَّتْ قَاعِدَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الشُّكْرِ، وَكُل مَنْ تَكَلَّمَ فِي الشُّكْرِ، فَإِنَّ كَلَامَهُ إِلَيْهَا يَرْجِعُ وَعَلَيْهَا يَدُورُ. انْتَهَى.
ثُمَّ فَسَّرَ الْوَصِيَّةَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَه: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ أَيْ: بِأَنْ تَعْرِفَ نِعْمَةَ الْإِحْسَانِ، وَتُقَدِّرَهُ قَدْرَهُ» (^١).
ويجلي إمام المفسرين الطبري المعنى فيقول: «وَقَوْلُهُ: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ [لقمان: ١٤] يَقُولُ: وَعَهِدْنَا إِلَيْهِ أَنِ اشْكُرْ لِي عَلَى نِعَمِي عَلَيْكَ، وَلِوَالِدَيْكَ تَرْبِيَتَهُمَا إِيَّاكَ، وَعِلَاجَهُمَا فِيكَ مَا عَالَجَا مِنَ الْمَشَقَّةِ حَتَّى اسْتَحْكَمَت قُوَاكَ. وَقَوْلُهُ: ﴿إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [لقمان: ١٤] يَقُولُ: إِلَى اللَّهِ مَصِيرُك -أَيُّهَا الْإِنْسَانُ- وَهُوَ سَائِلُكَ عَمَّا كَانَ مَنْ شُكْرِكَ لَهُ عَلَى نِعَمِهِ عَلَيْكَ، وَعَمَّا كَانَ مِنْ شُكْرِكَ لِوَالِدَيْكَ، وَبِرِّكَ بِهِمَا عَلَى مَا لَقِيَا مِنْكَ مِنَ الْعَنَاءِ وَالْمَشَقَّةِ فِي حَالِ طُفُولِيَّتِكَ وَصِبَاكَ، وَمَا اصْطَنَعَا إِلَيْكَ فِي بِرِّهِمَا بِكَ، وَتَحْنُّنِهِمَا عَلَيْكَ» (^٢).
ويوضح الماوردي كيفية الشكر هنا فيقول: «وشكر الله بالحمد والطاعة وشكر الوالدين بالبر والصلة» (^٣).
ويقول سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة: «مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فَقَدْ شَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى، وَمَنْ دَعَا لِوَالِدَيْهِ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ فَقَدْ شَكَرَهُمَا» (^٤).
ويبين القرطبي على ما يكون الشكر فيقول: «وَالْمَعْنَى: قُلْنَا لَهُ: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ.

(^١) القاسمي (١٣/ ٤٧٩٨).
(^٢) الطبري (٢٠/ ١٣٨).
(^٣) الماوردي (٤/ ٣٣٦).
(^٤) القرطبي (١٤/ ٦١).

1 / 208