The Forty Creedal Principles
الأربعون العقدية
Publisher
دار الآثار
Edition Number
الأولى
Publication Year
٢٠٢١ م
Publisher Location
مصر
Genres
وهنا إشكال في قوله تعالى: ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ...﴾، فمن المعلوم أن السنة تجمِّع والبدعة تفرِّق، فكيف تَفرقوا بعدما جاءهم العلم؟
الجواب: المعني أنّ تفرُّقهم واختلافهم لم يكن عن جهل منهم، إنما قد جاءهم العلم يأمرهم وينهاهم.، يأمرهم بعدم التفرق فكابروا وتمردوا، وأبَوا إلا الفُرقة، رغم قيام الحجة عليهم، كما في قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ...﴾ [الجاثية: ٢٣]. وقولُه: ﴿وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ يحتمل قولين: أحدهما- وأضله الله؛ لعِلمه أنه يستحق ذلك. والآخر- وأضله الله بعد بلوغ العلم إليه، وقيام الحجة عليه. والثاني يستلزم الأول، ولا ينعكس (^١).
والحاصل أنه قد تفرَّق السابقون من أهل الكتاب، وسار على تقليدهم اللاحقون من هذه الأمة، كما تنبأ النبي ﷺ بقوله: «لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بَاعًا بِبَاعٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، وَشِبْرًا بِشِبْرٍ، حَتَّى لَو دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمْ فِيهِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى؟
قَالَ: «فَمَنْ إِذًا؟!» (^٢)، فساروا على درب السابقين واختلافهم، ونسُوا أو تناسَوْا أن الجماعة رحمة، وأن الفُرقة عذاب؛ فإن الأصول العامة للشرع قد نَهَتْ عن التفرق والاختلاف: قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٣]،
وقال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٠٥]، وقال تعالى: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: ١٣]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٩].
_________
(^١) تفسير القرآن العظيم (٧/ ٢٦٨).
(^٢) متفق عليه.
1 / 30