302

Al-Sunna al-muftarā ʿalayhā

السنة المفترى عليها

Publisher

دار الوفاء،القاهرة،دار البحوث العلمية

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م

Publisher Location

الكويت

Genres

فقد قال في تفسير هذه الآية: هذا يدل على قطع الموالاة شرعًا وقد مضى في آل عمران بيان ذلك، وآية آل عمران نصها: ﴿لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران: ٢٨].
وفي تفسير هذه الآية نقل القرطبي عن ابن عباس قوله: «قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَهَى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ أَنْ يُلاَطِفُوا الْكُفَّارَ فَيَتَّخِذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ».ثم قال القرطبي: «وَمَعْنَى ﴿فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾ أَيْ فَلَيْسَ مِنْ حِزْبِ اللَّهِ وَلاَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ فِي شَيْءٍ».
وفي تفسير قول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٥١]، يقول القرطبي: «أَيْ يَعْضُدْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ». وقد زعم الشيخ عمارة أن المراد هنا الخيانة الوطنية في حالة الحرب وزعم أن هذا رأي القرطبي والمفسرين، بينما الإمام القرطبي حدد المراد بقوله: «بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ حُكْمَهُ كَحُكْمِهِمْ، وَهُوَ يَمْنَعُ إِثْبَاتَ المِيرَاثِ لِلْمُسْلِمِ مِنَ المُرْتَدِّ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلاَّهُمِ ابْنُ أُبَيٍّ ثُمَّ هَذَا الحُكْمُ بَاقٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي قَطْعِ المُوَالاَةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ [هود: ١١٣] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ٢٨] ...».
كما أن القرطبي في تفسير قول الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ...﴾ [المائدة: ٥٧]، قال: «فَنَهَاهُمُ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالْمُشْرِكِينَ أَوْلِيَاءَ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ الْفَرِيقَيْنِ اتَّخَذُوا دِينَ الْمُؤْمِنِينَ هُزُوًا وَلَعِبًا». ثم نقل القرطبي أن هذه الآية مثل قوله تعالى: ﴿لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾ [المائدة: ٥١]، ونقل القرطبي حديثًا عن جابر فيه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى أُحُدٍ جَاءَهُ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالُوا: نَسِيرُ مَعَكَ، فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - «إِنَّا لاَ نَسْتَعِينُ عَلَى أَمْرِنَا بِالمُشْرِكِينَ». ولو أن الدكتور عمارة قد أوضح أن الموالاة ممنوعة أيضًا في غير حالات الحرب إذ كانوا يتآمرون على الإسلام والمسلمين ويعادوننا كمن يساعد إسرائيل ولو تظاهر بصداقة العرب والمسلمين.

1 / 317