108

Al-shubahāt wa-atharuhā fī al-ʿuqūba al-jināʾiyya fī al-fiqh al-islāmī muqāranan biʾl-qānūn

الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون

Publisher

مطبعة الأمانة

Edition

الأولى ١٤٠٦هـ

Publication Year

١٩٨٦م

Genres

٢- الشريعة الإسلامية، وحدود سريان النص الجنائي على الأشخاص:
سوى الله ﷾ بين الناس في أصل الخلقة، فالناس جميعًا أبناء لآدم ﵇، وجعل الله ﷾ أساس المفاضلة بينهم واحدًا، وهو التقوى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ .
وهذا ما التزم به الرسول ﷺ وأكده بقوله: "لا فضل لعربي على أعجمي إلى بالتقوى".
وهذه المفاضلة هي مقياس الناس عند ربهم ﷾، أما عند الاحتكام للقانون الشرعي، فالناس سواسية كأسنان المشط، والتسوية بينهم واجبة١.
والنبي ﷺ قد أبى هذا الأساس الثابت يوم خرج، وهو مريض يتحامل على كتفي بعض أصحابه، حتى وصل إلى المنبر، ولم يستطع الوقوف، فجلس ثم قال: "أيها الناس من كنت جلدت له ظهرًا، فهذا ظهري فليستقد منه، ومن أخذت له مالًا فهذا مالي، فليأخذ منه ولا يخشى الشحناء من قبلي، فإنها ليست من شأني، ألا وإن أحبكم إلي من أخذ مني حقا إن كان له، أو حللني فلقيت ربي، وأنا طيب النفس" ٢.
ولقد علم الصحابة الأجلاء ذلك جيدًا، وطبقو وجعلوا منه قانونًا نافذًا، وأمرًا ساريًا على جميع الناس.
فهذا عمر بن الخطاب خليفة المسلمين، يعلن للناس جميعا في موسم الحج، وقد جمع ولاة أمصاره على مشهد من الحجاج، وقال للجميع: أيها الناس إني لم أرسل إليكم عمالًا ليضربوا أبشاركم، ولا يأخذوا أموالكم

١ الإقناع ج٥ ص١٤٥ صبيح الطبعة الثالثة.
٢ تاريخ ابن الأثير ج٢ ص١٥٤ ط بولاق.

1 / 116