المعروف بالسليطين، لما استحوذ عليها أقر أبا زكرياء يحيى بن علي بن تايشا على ما كان بأيدي الملثمين منها ومن غيرها، وكان حكم السليطين فافذًا فيها؛ ولقد وقع سنة ٥٤٠ تنازع بين رجلين من المرابطين في إنزال جنان بقرية من قرى إشبيلية؛ فادعاه أحدهما بإنزال ابن غانية له فيه، وأتى بظهيرٍ؛ وادعاه الآخر بظهير السليطين؛ وحكم بينهما وإلى إشبيلية تحت نظر يحيى بن علي؛ وكان هذا الملثم قد كتب له به السليطين بطليطلة حين سفر إليه رسولًا عن يحيى بن على.
وكان هدم على بن عيسى لهذا الصنم لأنه خيل إليه أنه على كنوزٍ ضخمةٍ، وأن داخله محشو تبرًا، فدعا له الرجال والبناة وأخذوا في قطع حجرٍ منه، وكلما قطعوا حجرًا ادعموا مكانه بدعامةٍ من خشب، حتى وقف ذلك الجرم العظيم على الدعائم؛ ثم رموا إلى الخشب النار، بعد ما ملأوا الخلل الذي بين الخشب حطبًا، فسقط جميعة وكانت له وهلة عظيمة، واستخرج الرصاص المعقود بالحجارة، والنحاس الذي كان منه الصنم، وكان مذهبًا؛ وبدت في يديه من مطلبه الخيبة. وكان يقال إن الذي يهدم صنم قادس يموت مقتولًا؛ وكذلك كان.
ويزعم أهل جزيرة قادس أنهم لن يزالوا يسمعون أن الراكب في هذا البحر إن ألج فيه وغاب عنه صنم قادس، بدا له صنم ثانٍ مثله، فإذا وصلوا إليه وجاوزوه حتى يغيب عليه، بدا له صنم ثالث، فإذا تجاوزوا سبعة أصنامٍ صاروا في بلاد الهند؛ وهذا مستفيض عندهم، معروف جارٍ على ألسنتهم، لم يزل يأخذه آخرهم عن أولهم. قالوا: ولما أحكم أركليش هذه الآثار عمد إلى بلاد البربر؛ فعمد إلى مدينة سبتة من الزقاق الخارج من