والنهي عن ذلك يتضمن ثلاثة معان:
الأول: الصلاة على القبور والسجود عليها.
والثاني: الصلاة إلى القبور واستقبالها.
والثالث: بناء المساجد على القبور، وقصد الصلاة فيها (^١).
وقد ذكر ابن حجر منها المعنيين الأول والثاني، وأهمل الثالث فلم يذكره وهو مما يتضمنه النهي، ولهذا يقول العلامة الصنعاني ﵀: "اتخاذ القبور مساجد أعم من أن يكون بمعنى الصلاة إليها، أو بمعنى الصلاة عليها" (^٢).
يقول الإمام الشافعي ﵀ في بيان تضمن النهي عن اتخاذ القبور مساجد لهذه المعاني الثلاثة جميعًا: "وأكره أن يبنى على القبر مسجد، وأن يسوى، أو يصلى عليه، وهو غير مسوى، أو يصلى إليه ... وإن صلى إليه أجزأه وقد أساء، أخبرنا مالك أن رسول الله ﷺ قال: "قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (^٣) ... " (^٤).
وما قرره ابن حجر من تحريم اتخاذ القبور مساجد مما اتفق عليه أئمة المذاهب الفقهية (^٥).
(^١) انظر: الأم للشافعي (١/ ٢٤٦)، مرقاة المفاتيح للشيخ علي القاري (٢/ ٣٧٢)، تحذير الساجد (ص ٢١).
(^٢) سبل السلام (١/ ٢١٤).
(^٣) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الجامع، باب ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة (٢/ ٦٨٠) من طريق إسماعيل بن أبي حكيم، عن عمر بن عبد العزيز ﵀ مرسلًا به.
وأخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور (١/ ٣٩٥) برقم (١٣٣٠)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور (١/ ٣٧٧) برقم (٥٣١) من حديث عائشة ﵂ موصولًا بلفظ: "لعن الله اليهود والنصارى ... ".
(^٤) انظر: الأم (١/ ٢٤٦).
(^٥) انظر: الآثار لمحمد بن الحسن (ص ٤٥)، التمهيد لابن عبد البر (١/ ١٦٨)، المنتقى للباجي (٧/ ١٩٥)، شرح صحيح مسلم للنووي (٥/ ١١ - ١٤)، الكافي لابن قدامة (١/ ٢٦٧)، كشاف القناع (٢/ ١٤٠).