Al-Jāmiʿ li-aḥkām al-ṣiyām
الجامع لأحكام الصيام
Genres
...اختلف الفقهاء في حكم الاكتحال هل هو جائز للصائم لا يُفطِّر أم هو مكروه أم هو حرام مُبْطِلٌ للصوم؟ فذهب إلى أن الاكتحال يُبطل الصيام ابن شُبرُمة وابن أبي ليلى ومنصور بن المعتمِر وسليمان التيمي، ذكر ذلك ابن المنذر. وذهب إلى كراهة الاكتحال للصائم مالك وأحمد وسفيان الثوري وعبد الله بن المبارك وإسحق. وقال مالك وأحمد: إِلاَّ أن يصل الكحلُ إلى الحلق فيفطِّر. وذهب أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور والأوزاعي وداود بن علي وعطاء والحسن البصري وإبراهيم النخعي وابن شهاب الزهري إلى حكم الجواز وأنه لا يفطِّر بحالٍ، وروى ذلك عن عبد الله بن عمر وأنس ابن مالك وابن أبي أوفى من الصحابة رضوان الله عليهم.
...والحق أن هذه المسألة هي من الوضوح بحيث لا تحتاج إلى وقفة طويلة لبيانِ أن الاكتحال جائز للصائم وللصائمة وأنه لا يفطِّر بحالٍ من الأحوال إذ لم يُرو عن رسول الله ﷺ ولا عن أحد من صحابته حديثٌ واحدٌ صحيحٌ أو حسنٌ ينهى الصائم عن الاكتحال، لا نهيًا جازمًا ولا نهيًا غير جازم، وكذلك لم يُرو عنه ﵊ أيُّ حديث صحيح أو حسن يجيزه للصائم، فكون النصوص لم تُدرجْه في باب المبطلات، فإن ذلك يدلُّ على أنه من الأفعال الجائزة في الصوم. أما ما رُوي من أحاديث تجيز الاكتحال أو تنهى عنه، فكلها أحاديث ضعيفة أو منكَرَة لا تصلح للاحتجاج مطلقًا، أذكر منها على سبيل المثال:
1 / 270