202

The Compendium of Fasting Rulings

الجامع لأحكام الصيام

Genres

...وقد استنبط عدد من العلماء من كون الأحاديث تذكر أن أيام التشريق هي أيام أكل وشرب أن الصيام فيها حرام لا يجوز. والحق أن هذا الاستنباط غير صحيح، لأن مجرد وصف أيام التشريق بأنها أيام أكل وشرب لا يكفي دليلًا على التحريم. ولكن الأحاديث لم تقتصر على هذا الوصف وإنما أضافت إليه نفي الصوم فيها والنهي عنه، ففي الحديث الثالث جاء (ليس بأيام صيام) وفي الحديث الرابع في رواية النَّسائي وفي الحديث السادس جاء (فلا يصومنَّها أحد) وفي الحديث الخامس جاء القول (فلا صوم فيها) ثم جاء النهي منطوقًا في الحديثين الرابع والثامن (ينهى عن صيام هذه الأيام)، (وينهانا عن صيامها) فصار للقول بالتحريم حجة إذ أن قول الحديث الرابع (فلا يصومنَّها أحد) وقول الحديث السادس (فلا يصومنَّ أحد) قد جاءا بصيغة التوكيد، وهذه الصيغة تدل على العزم والتصميم والإلزام، فصح الاستنباط من هذه النصوص بأن النهي عن الصوم في أيام التشريق هو نهي جازم يفيد التحريم. فإذا وجدنا في الحديث السابع (من كان صائمًا فلْيفطر) أدركنا وتأكد لنا فعلًا أن النهي عن الصيام هو نهي جازم يفيد التحريم، ذلك أن أمر الصائم بالإفطار ما كان يصح ويجوز لو كان الصوم جائزًا مقبولًا، ولا يصح فعلًا إلا أن يكون الصيام غير جائز، ووجب قطعه بالإفطار. ومثله الحديث الثامن، فعمرو بن العاص أمر ابنه الصائم في تلك الأيام بالأكل وقطْعِ صيامِه، فلما امتنع ابنه عن قطع الصيام لم يتردد عمرو في توجيه الأمر مرة ثانية لابنه بالإفطار، مستدلًا بأن الرسول الكريم ﷺ كان يأمر الصائمين آنذاك بالإفطار وينهاهم عن الصوم، ومثله في الدلالة الحديث العاشر. فهذه الأحاديث الثلاثة – السابع والثامن والعاشر – تصلح قرائن بل وأدلة على أن النهي عن صيام أيام التشريق إنما هو نهي جازم دالٌّ على التحريم.

1 / 202