278

Awdah al-Tafāsīr

أوضح التفاسير

Publisher

المطبعة المصرية ومكتبتها

Edition

السادسة

Publication Year

رمضان ١٣٨٣ هـ - فبراير ١٩٦٤ م

Regions
Egypt
﴿وَيقَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً﴾ معجزة دالة على صدقي ﴿فَذَرُوهَا﴾ اتركوها ﴿وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ﴾ سريع حال
﴿فَعَقَرُوهَا﴾ ذبحوها، أو قتلوها، وقيل: قطعوا قوائمها؛ عقرها واحد منهم؛ ورضوا جميعًا عن عمله؛ لذا عبر تعالى بجميعهم. ومن هنا يعلم أن الراضي عن المعصية: شريك في العصيان، وأن العذاب كما يصيب العاصي بعصيانه؛ فإنه يصيب الطائع بتركه النهي عن العصيان، قال تعالى:
﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً﴾ بل تصيب الذين ظلموا، والذين لم يضربوا على أيديهم ليكفوا عن ظلمهم ﴿فَقَالَ﴾ لهم صالح؛ بعد عقرهم للناقة، واستهانتهم بأمر ربهم ﴿تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ﴾ بالأمن والسلامة ﴿ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ﴾ يحل بعدها عذاب الله تعالى بساحتكم ﴿ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾ واقع لا محالة
﴿فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا﴾ بالعذاب ﴿نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا﴾ وهي توفيقهم للإيمان؛ الذي كان سببًا في نجاتهم ﴿وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ﴾ وهو الخزي الذي لحق بالكافرين المعذبين؛ وأي خزي أخزى من غضب الله تعالى وعذابه ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ﴾ القادر على نفاذ أمره ﴿الْعَزِيزُ﴾ القاهر، الذي لا يغلب
﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ كفروا ﴿الصَّيْحَةُ﴾ صاح بهم جبريل ﵇؛ فأهلكهم الله تعالى بصيحته؛ والصيحة: تطلق على العذاب، أو هي مقدمة لكل عذاب ﴿فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ باركين على الركب ميتين كأن لم يقيموا
﴿أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ﴾ أبعده الله بعدًا: نحاه عن الخير ولعنه
﴿وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ﴾ ملائكتنا ﴿إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى﴾ بشروه بإسحاق ويعقوب ﴿قَالُواْ سَلاَمًا﴾ أي سلموا عليه سلامًا؛ أو قالوا قولًا طيبًا يبعث على الأمن والراحة والسلام. قال تعالى: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَمًا﴾ ﴿قَالَ سَلاَمٌ﴾ أي أمري سلام، ولا أريد غير السلام ﴿فَمَا لَبِثَ﴾ أي فما مكث ﴿أَن جَآءَ﴾ حتى جاء ﴿بِعِجْلٍ حَنِيذٍ﴾ مشوي؛ فوضعه أمامهم ليأكلوا منه؛ فلم يتقدم أحد منهم للأكل
﴿فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ﴾ أي لا تمتد إلى العجل المشوي الذي قدمه لإكرامهم؛ وقد كانوا جاءوه في صورة بني الإنسان ﴿نَكِرَهُمْ﴾ أنكرهم، وتوهمهم أعداء لا أحباء ﴿وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾ أضمر في نفسه الخوف منهم؛ وذلك لأنه كان من عادة العرب أنهم إذا عادوا إنسانًا، وأرادوه بسوء؛ لم يمسوا طعامه؛ ولا يزال ذلك فيهم حتى الآن ﴿قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ﴾ بالعذاب
﴿وَامْرَأَتُهُ﴾ أي امرأة إبراهيم ﵇ ﴿قَآئِمَةٌ﴾ بخدمة الأضياف، أو ﴿قَآئِمَةٌ﴾ وراء الستر؛ تستمع لما يدور بينهم وبين زوجها. والأولى أولى: لكلام الملائكة لها، وتبشيرهم إياها
⦗٢٧٣⦘ ﴿فَضَحِكَتْ﴾ فحاضت؛ تمهيدًا لما سيلقى عليها من البشارة ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾ وقيل: ﴿فَضَحِكَتْ﴾ استبشارًا بما سمعته من إهلاك قوم لوط، أو سرورًا بزوال الخوف عن زوجها

1 / 272