107

The Clear Statement on the Biography of the Master of the Messengers

القول المبين في سيرة سيد المرسلين

Publisher

دار الندوة الجديدة بيروت

Publisher Location

لبنان

Genres

وهكذا ابتدأت دعوة الحق نورًا أضاء في غار تقاس مساحته بالأشبار، ولكن لم يلبث هذا النور إلا قليلًا حتى ملأ الأقطار والأمصار، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. وقد رجع رسول الله ﷺ عقب نزول الوحي عليه يرجف فؤاده، ودخل على زوجته خديجة، وقال: "زملوني زملوني"، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، ثم أخبر زوجته السيدة خديجة بما وقع له في غار حراء، وقال لها: "لقد خشيت على نفسي". فطمأنته السيدة خديجة، وبينت له أن وراء هذا الحادث خيرًا كثيرًا حيث قالت له: "والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق"١. ثم انطلقت به خديجة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان عنده علم بالكتب السماوية، فلما سمع من الرسول ﷺ خبر ما رأى أدرك أن هذا هو الوحي الذي كان ينزل على الأنبياء من قبل، فبشر محمدًا ﷺ بأنه سيكون نبي هذه الأمة ... وتمنى ورقة لو يطول به العمر حتى تظهر رسالة محمد ﷺ فيكون من أنصاره وأعوانه٢. ولكن شاء الله أن يموت ورقة قبل أن تتحقق أمنيته. وفتر الوحي بعد ذلك مدة من الزمان.

١ هو قطعة من حديث عائشة الماضي. ٢ وعبارته له، كما في حديث عائشة الماضي: "هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعًا، ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك ... وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا". ثم لم ينشب ورقة أن توفي.

1 / 110