81

The Clear Insight at the Narrow Paths in the Authentic Collection

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

Publisher

دار سحنون للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Publisher Location

دار السلام للطباعة والنشر

Genres

باب الإقرار على تفصيل فيه، وهذا مجال واسع للاجتهاد، وقد أظهر البخاري فيه رأيه الذي أصله في مواضع كثيرة. * * * باب قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٨] فيه قول ابن عباس ﵃[٤: ١٠، ١٣]: «إِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نُسِخَتْ وَلا وَاللهِ مَا نُسِخَتْ وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ، هُمَا وَالِيَانِ: وَالٍ يَرِثُ وَذَاكَ الَّذِي يَرْزُقُ، وَوَالٍ لا يَرِثُ كَوَليِّ اليَتِيم فَذَاكَ الَّذِي يَقُولُ بِالْمَعْرُوفِ يَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ». إن أهل الفقه أجمعوا على أن ليس لأحد من المخاطبين في هذه الآية أن يعطي بعض من حضر قسمة الميراث شيئًا لا يملك هو أن يتصرف فيه، ولكنهم لما أشكل عليهم إطلاق الأمر بالإعطاء في الآية قال بعضهم برأيه: لعل هذا كان قبل شرع الميراث فإذا أوصى الميت بماله كان أولياء وصيته مأمورين أن يعطوا عند قسمة المال شيئًا لمن يحضر من قرابة الميت والمساكين والضعفاء بالاجتهاد تأنيسًا لهم من انكسار رؤية الأموال تقسم في غيرهم، وقد كان من عادة العرب أن يوصوا بأموالهم لمن يعينونه، ويقيموا وصيًا يتولى تنفيذ الوصية، وهو أصل اسم الوصي، وقد أوصى نزار بن معد بن عدنان بقسمة أصناف ماله بين أولاده: مضر، وربيعة، وأنمار، وإياد، وأقام الأفعى الجرهمي وصيًا ينفذ وصيته، وكانوا ربما حرموا بعض قرابتهم وأزواجهم وبناتهم. فلما نسخ الله شرع الجاهلية ابتدأهم بأن أمر متولي تنفيذ الوصية بأن يرزقوا من حضر القسمة تطييبًا لخواطرهم، ثم شرع الميراث على حسب القرابة المبينة في آية المواريث، فنسخ الأمر بإعطاء من حضر القسمة، هذا وجه هذا القول، وليس في الآثار الصحيحة ما يشهد لوقوع هذا التدرج في شرع الميراث وهو محتمل، وما بينوا إجماله الذي سموه نسخًا إلا بمراعاة أحوالٍ شهدوها. وقال بعضهم برأيه: لا حاجة إلى ادعاء النسخ، والآية مستقلة بمعناها، قابلة للعمل بمؤداها، وهو أن يكون الله أمر الورثة أن يعطوا من يحضر القسمة- من

1 / 85