214

The Chapters and Titles of Sahih al-Bukhari

الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

Investigator

د. ولي الدين بن تقي الدين الندوي

Publisher

دار البشائر الإسلامية للطباعة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

ومن راح"، وهذا السياق أوجه عندي وأجدر بشأن البخاري، وغيّر لفظ "غدا" الوارد في الحديث بلفظ "خرج" في الترجمة لبديعةٍ، وهي: أن المعروف في اللغة: الغدوة: المضي من بكرة النهار، والرواح: من الزوال.
وعلى هذا فمقتضى الحديث: فضل من أكثر الخروج إلى المسجد، لكن الغدو قد يطلق على الخروج مطلقًا، كما هو معروف، والرَّواح قد يطلق على الرجوع.
قال الحافظ (^١): "باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح" هكذا للأكثر موافقًا للفظ الحديث في الغدو والرواح، ولأبي ذر بلفظ "خرج" بدل "غدا". وعلى هذا، فالمراد بالغدو: الذهاب، وبالرواح: الرجوع، انتهى.
قلت: وهذا الذي أراد البخاري عندي، وأشار بذلك إلى الفضل في الخروج إلى المسجد والرجوع منه، وكأنه أومأ بذلك إلى ما أخرجه مسلم وأبو داود (^٢) واللفظ له عن أُبَيِّ بن كعب ﵁ قال: "كان رجل لا أعلم أحدًا من الناس ممن يصلي القبلة من أهل المدينة أبعد منزلًا من المسجد من ذلك الرجل، وكان لا تخطئه صلاة في المسجد، فقلت: لو اشتريت حمارًا تركبه في الرمضاء والظلمة، فقال: ما أحب أن منزلي إلى جنب المسجد، فنمي الحديث إلى رسول الله ﷺ، فسأله عن ذلك، فقال: أردت يا رسول الله أن يكتب لي إقبالي إلى المسجد، ورجوعي إلى أهلي إذا رجعت، فقال: أعطاك الله ذلك كله، أنطاك الله ما احتسبت كله أجمع".
وعزاه السيوطي في "الدر" (^٣) إلى ابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، ومسلم، وأبي داود، وابن ماجه، وابن مردويه، ولفظه: فقال: يا رسول الله! كيما يكتب أثري وخطاي ورجوعي إلى أهلي وإقبالي وإدباري: فقال رسول الله ﷺ: "أعطاك الله ذلك كله، وأعطاك ما احتسبت أجمع".

(^١) "فتح الباري" (٢/ ١٤٨).
(^٢) "صحيح مسلم" (ح: ٦٦٣)، و"سنن أبي داود" (ح: ٥٥٧).
(^٣) انظر: "الدر المنثور" (٧/ ٤٧).

1 / 223