59

The Book of Manners

الأدب الصغير ت خلف

Publisher

دار ابن القيم بالإسكندرية

Genres

خِصَالٌ يُسَرُّ بِهَا الْجَاهِلُ، كُلُّهَا كَائِنٌ عَلَيْهِ وَبَالًا: مِنْهَا: أَنْ يَفْخَرَ مِنَ الْعِلْمِ وَالْمُرُوءَةِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ. وَمِنْهَا: أَنْ يَرَى بِالْأَخْيَارِ مِنَ الاسْتِهَانَةِ وَالْجَفْوَةِ مَا يُشْمِتُهُ بِهِمْ. وَمِنْهَا: أَنْ يُنَاقِلَ (١) عَالِمًا وَدِيعًا مُنْصِفًا لَهُ فِي الْقَوْلِ فَيَشْتَدَّ صَوْتُ ذَلِكَ الْجَاهِلِ عَلَيْهِ ثُمَّ يُفْلِجُهُ (٢) نُظَرَاؤُهُ مِنَ الْجُهَّالِ حَوْلَهُ بِشِدَّةِ الصَّوْتِ وَكَثْرَةِ الضَّحِكِ. وَمِنْهَا: أَنْ تَفْرُطَ مِنْهُ الْكَلِمَةُ (٣) أَوِ الْفِعْلَةُ الْمُعْجِبَةُ لِلْقَوْمِ فَيُذْكَرَ بِهَا. وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ مَجْلِسُهُ فِي الْمَحْفِلِ (٤) وَعِنْدَ السُّلْطَانِ فَوْقَ مَجَالِسِ أَهْلِ الْفَضْلِ عَلَيْهِ. مِنَ الدَّلِيلِ عَلَى سَخَافَةِ الْمُتَكَلِّمِ أَنْ يَكُونَ مَا يُرَى مِنْ ضَحِكِهِ لَيْسَ عَلَى حَسَبِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْقَوْلِ، أَوِ الرَّجُلُ يُكَلِّمُ صَاحِبَهُ فَيُجَاذِبَهُ الْكَلاَمَ لِيَكُونَ هُوَ الْمُتَكَلِّمَ، أَوْ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ قَدْ فَرَغَ وَأَنْصَتَ لَهُ فَإِذَا نَصَتَ (٥) لَهُ

(١) المناقلة: المحادثة. يقال: ناقلتَ فلانًا الحديثَ: إِذَا حَدَّثْتَهُ وَحَدَّثَكَ. وتَنَاقَل القومُ الكلامَ بينهم: أي: تنازعوه. ورجلٌ نَقِلٌ: أي: حاضر المنطِق والجواب. (٢) أي: ينصر هؤلاء الجهال صاحبَهم على ذلك العالم الوديع بصخبهم. وتلك خديعة الطبع اللئيم. وتالله إنها لمحنة ما أعظمها!. راجع الحاشية رقم (١٠٢). (٣) أي: تسبق. (٤) مَحْفِلُ القومِ وَمُحْتَفَلُهُمْ: مُجْتَمَعُهُمْ. (٥) في نسخةٍ: [أَنْصَتَ]، ونصت وأنصت كلاهما بمعنى.

1 / 64