156

The Beneficial Speech on the Book of Tawheed

القول المفيد على كتاب التوحيد

Publisher

دار ابن الجوزي

Edition Number

الثانية

Publication Year

محرم ١٤٢٤هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وهذا من أعظم ما يبين معنى (لا إله إلا الله) ; فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصما للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لفظها، بل ولا الإقرار بذلك، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له، بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله. فإن شك أو توقف; لم يحرم ماله ولا دمه. فيا لها من مسألة ما أعظمها وأجلها! ويا له من بيان ما أوضحه! وحجة ما أقطعها للمنازع!

تكون عبادتها حقا; فلا يكفي أن يقول: لا إله إلا الله، ولا أعبد صنما، بل لا بد أن يقول: الأصنام التي تعبد من دون الله أكفر بها وبعبادتها. فمثلا لا يكفي أن يقول: لا إله إلا الله ولا أعبد اللات، ولكن لا بد أن يكفر بها، ويقول: إن عبادتها ليست بحق، وإلا; كان مقرا بالكفر.
فمن رضي دين النصارى دينا يدينون الله به; فهو كافر؛ لأنه إذا ساوى غير دين الإسلام مع الإسلام; فقد كذب قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ ١.
وبهذا يكون كافرا، وبهذا نعرف الخطر العظيم الذي أصاب المسلمين اليوم باختلاطهم مع النصارى، والنصارى يدعون إلى دينهم صباحا ومساء، والمسلمون لا يتحركون، بل بعض المسلمين الذين ما عرفوا الإسلام حقيقة يلينون لهؤلاء،: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ ٢، وهذا من المحنة التي أصابت المسلمين الآن، وآلت بهم إلى هذا الذل الذي صاروا فيه.

١ سورة آل عمران آية: ٨٥.
٢ سورة القلم آية: ٩.

1 / 163