231

Al-asās fī al-Sunna wa-fiqhihā - al-sīra al-nabawiyya

الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية

Publisher

دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة

Edition Number

الطبعة الثالثة

Publication Year

١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م

Genres

كافرًا، وقد فتح الله تعالى قِفْلَ قلبهِ للإيمان ليعلم أنه قد هلك من دخل النار، فلا تقر عينه وهو يعلمُ أن حميمهُ في النار، وأنها التي قال الله تعالى: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ (١).
٩٢ - * روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال أبو جهل: هل يُعفرُ محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى لئن رأيتهُ يفعل ذلك لأطأن على رقبته أو لأعفرنَّ وجهه في التراب. قال: فأتى رسول الله ﷺ وهو يصلي زعم ليطأ على رقبته قال: فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، قال: فقيل له: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقًا من نارٍ وهؤلًا وأجنحة، فقال رسول الله ﷺ: "لو دنا مني لاختطفته الملائكةُ عضوًا عضوًا" قال: فأنزل الله ﷿، لا ندري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه، ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى * أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * ... أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى * كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُ﴾ (٢) زاد عبيد الله في حديثه قال: وأمره بما أمره به. وزاد ابنُ عبد الأعلى فليدعُ ناديهُ: يعني قومه.
قال في الفتح: وإنما شدد الأمر في حق أبي جهل، ولم يقع مثل ذلك لعقبة بن أبي مُعيط حيث طرح سلى الجزور على ظهره ﷺ وهو يصلي، لأنهما وإن اشتركا في مطلق الأذية حالة صلاته، لكن زاد أبو جهل بالتهديد وبدعوى أهل طاعته وبإرادة وطء العنق الشريف، وفي ذلك من المبالغة ما اقتضى تعجيل العقوبة لو فعل ذلك، ولأن سلى الجزور لم يتحقق نجاستها، وقد عوقب عقبة بدعائه ﷺ عليه وعلى من شاركه في فعله فقتلوا يوم بدر.

(١) الفرقان: ٧٤.
٩٢ - مسلم (٤/ ٣١٥٤) ٢٥٠ - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم - ٦ - باب قوله: إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى.
التعفير: التمريغ في التراب. يعفر أي يسجد ويلصق وجهه بالغفر وهو التراب. فجئهم: بكسر الجيم ويقال أيضًا فجأمه. نكص على عقبيه: رجع إلى ورائه القهقري. الاختطاف: الاستلاب بسرعة. كذب وتولى: يعني أبا جهل.
(٢) العلق: ٦ - ١٩.

1 / 241