165

Al-Sunna wa-makānatuha li-l-Sabāʿī ṭ. al-Warrāq

السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق

Edition Number

الأولى

Publication Year

سنة ٢٠٠٠ م

Genres

الظَّاهِرِ فَقَبِلْتَهُمَا عَلَى الظَّاهِرِ وَلاَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ إلاَّ اللَّهُ، وَإِنَّا لَنَطْلُبُ فِي الْمُحَدِّثِ أَكْثَرَ مِمَّا نَطْلُبُ فِي الشَّاهِدِ فَنُجِيزُ شَهَادَةَ البَشَرِ لاَ نَقْبَلُ حَدِيثَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَنَجِدُ الدَّلاَلَةَ عَلَى صِدْقِ الْمُحَدِّثِ وَغَلَطِهِ مِمَّنْ شَرِكَهُ مِنْ الحُفَّاظِ، وَبِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَفِي هَذَا دَلاَلاَتٌ وَلاَ يُمْكِنُ هَذَا فِي الشَّهَادَاتِ».
وأخيرًا يعلن الخصم اقتناعه بأن قبول خبر الرسول قبول عن اللهِ. اهـ. باختصار بسيط جِدًّا، ولا بد من إبداء الملاحظات الآتية:
أَوَلًا - لم يُبَيِّنْ لنا الشافعي ﵀ من هي هذه الطائفة التي رَدَّتْ الأخبار كلها، ولا من هو الشخص الذي ناظره في ذلك، وقد استظهر الشيخ الخضري ﵀ أنه يعني بذلك المعتزلة حيث قال في كتابه " تاريخ التشريع الإسلامي ": «وَلَمْ يُظْهِرِ لَنَا الشَّافِعِيُّ شَخْصِيَّةَ مَنْ كَانَ يَرَىَ هَذَا الرَّأْيَ وَلاَ أَبَانَهُ لَنَا التَّارِيخُ، إِلاَّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ فِي مُنَاظَرَتِهِ لأَصْحَابِ الرَّأْيِ الآتِي (الذِينَ يَرُدُّوْنَ خَبَرَ الخَاصَّةِ) قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ صَاحِبَ هَذَا المَذْهَبِ (مَنْ يَرُدُّ الأَخْبَارَ كُلَّهَا) مَنْسُوبٌ إِلَى البَصْرَةِ، وَكَانَتْ البَصْرَةُ مَرْكَزًا لِحَرَكَةٍ عَمَلِيَّةٍ كَلاَمِيَّةٍ، وَمِنْهَا نَبَعَتْ مَذَاهِبُ المُعْتَزِلَةِ، فَقَدْ نَشَأَ بِهَا كِبَارُهُمْ وَكُتَّابُهُمْ، وَكَانُوا مَعْرُوفِيْنَ بِمُخَاصَمَتِهِمْ لأَهْلِ الحَدِيثِ، فَلَعَلَّ صَاحِبَ هَذَا القَوْلِ مِنْهُم) وَقَد تَأَيَّدَ عِنْدِي هَذَا الظَّنُّ بِمَا رَأَيْتُهُ فِي الكِتَابِ المَوْسُوْمِ بـ " تَأْوِيْلِ مُخْتَلَفِ الحَدِيثِ " لأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْن مُسْلِمٍ بْنِ قُتَيْبَةَ (٢٧٦) فَقَدْ ذَكَرَ فِيهِ مَوْقِفَ شُيُوخِ المُعْتَزِلَةِ مِنَ السُّنَّةِ وَتَطَاوَلَهُمْ عَلَى الصَّحَابَةِ وَكِبَارِ المُفْتِينَ مِنْهُمْ».
واستنتج «الخضري» من ذلك أن غارة شعواء شُنَّتْ في عصر الشافعي أو قبله بقليل من المُتَكَلِّمِينَ على أَهْلِ السُنَّةِ، وأكثر المُتَكَلِّمِينَ كان بالبصرة، فمن المُؤَكَّدِ أن يكون الذي ناظر الشافعي من هؤلاء (١) وهذا الذي استظهره الشيخ «الخضري» قوي في النظر.
ثَانِيًا - لاَ يُخَالِجَنَّكَ ذَرَّةٌ من الشك في أن المراد بإنكار حُجِيَّةِ السُنَّةِ

(١) " تاريخ التشريع الإسلامي " للشيخ محمد الخضري بك: ص ١٩٧.

1 / 171