150

The Approach of Al-Qurtubi in Resolving Apparent Contradictions in Verses in His Book Al-Jami' Li-Ahkam Al-Qur'an

منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن

Genres

وذَكَر ابن تيمية مَعَاني التَّوَفِّي وزَاد مَعْنَى آخَر، وفَائدة أُخْرى، فَقَال: وَلَفْظُ التَّوَفِّي في لُغَة العَرَب مَعْنَاه: الاسْتِيفَاء والقَبْض، وذلك ثَلاثة أنْوَاع: أحَدُها: توفِّي النَّوم. والثاني: توفِّي الْمَوْت. والثالث: توفِّي الرَّوح والبَدَن جَمِيعًا، فإنه بِذلك خَرَج عن حَال أهْل الأرْض الذين يَحْتَاجُون إلى الأكْل والشُّرْب واللِّبَاس والنَّوم، ويَخْرُج منهم الغَائط والبَول، والْمَسِح ﵇ توفّاه الله وهُو في السَّمَاء الثَّانِية إلى أن يَنْزِل إلى الأرْض، لَيْسَتْ حَاله كَحَالَة أهْل الأرْض في الأكْل والشُّرْب واللِّبَاس والنَّوم والغَائط والبَول، ونَحْو ذلك (^١). ولم يُرجِّح ابن جُزَي في الآية شَيئا، فإنه ذَكَر الأقْوال في الآية وصَدَّرَها كُلها بـ: قِيل (^٢). إلَّا أنه قَال في تَفْسِير قَوله تَعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا) [الزمر: ٤٢] الآية: ومَعْنَاها: إن الله يَتوفَّى النُّفُوس على وَجْهين: أحَدها: وَفَاة كَامِلَة حَقِيقِيَّة، وهْي الْمَوْت. والآخَر: وَفَاة النَّوم؛ لأنَّ النَّائم كَالْمَيِّت في كَونِه لا يُبْصِر ولا يَسْمَع، ومِنْه قَوله: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) [الأنعام: ٦٠] (^٣). وذَكَر ابن كثير القَول بالتَّقْدِيم والتَّأخِير، ونَسَبه إلى قتادة، وذَكَر القَول الْمَرْويّ عن ابن عباس في أنها حَقِيقَة الوَفَاة، وذَكَر القَول بأنه رَفْع، ثم قَال:

(^١) الجواب الصحيح لمن بَدَّل دين المسيح (٢/ ٢٨٥). (^٢) التسهيل لعلوم التنْزيل، مرجع سابق (١/ ١٠٨) وهذه الصِّيغَة صِيغَة تَضْعِيف. (^٣) المرجع السابق (٣/ ١٩٦).

1 / 150