147

The Approach of Al-Qurtubi in Resolving Apparent Contradictions in Verses in His Book Al-Jami' Li-Ahkam Al-Qur'an

منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن

Genres

أحَدُهما: إني رَافِعُك إليَّ وَافِيًا لن يَنَالُوا مِنك. مِنْ قَولِهم: تَوَفَّيتُ كذا واسْتَوفَيته، أي أخَذْته تَامًّا. والآخر: إني مُسَلِّمُك. مِنْ قَولِهم: تَوَفَّيت مِنه كَذا أي سَلَّمْته. وقال الرَّبيع بن أنس: مَعْنَاه أني مُنِيمُك ورَافِعُك إليّ مِنْ قَومِك. يَدُلّ عليه قوله: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) [الأنعام: ٦٠]، أي: يُنِيمكم؛ لأنَّ النَّوم أَخو الْمَوت، وقوله: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا) [الزمر: ٤٢]. ورَوى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: إني مُمِيتُكم، يَدُلّ عليه: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) [السجدة: ١١] وقوله: (وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) [يونس: ٤٦]، وله على هذا القول تأويلان: أحَدهما: ما قال وَهْب (^١) تَوَفَّى الله عِيسى ثَلاث سَاعَات مِنْ النَّهار، ثم أحْيَاه ورَفَعَه. والآخَر: ما قَاله الضَّحَّاك وجَمَاعَة مِنْ أهْل الْمَعَاني: إنّ في الكلام تَقْديمًا وتَأخِيرًا. مَعْنَاه: إني رَافِعُك إليَّ ومُطَهِّرُك مِنْ الذين كَفَرُوا ومُتَوفِّيك بَعْد إنْزَالِك مِنْ السَّمَاء، كَقَوله ﷿: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى) [طه: ١٠٩] وقال الشاعر: ألا يا نَخْلَة مِنْ ذاتِ عِرْق عَليك ورَحمة الله السَّلام أي عليك السلام ورحمة الله وقال آخر: جَمَعْتَ وَعَيْبًا نَخْوَة ونَمِيمَة ثلاث خِصَال لَسْن من تَرعوي أي: جَمَعْتَ: نَخْوة ونَميمة وعيبًا (^٢).

(^١) يعني: ابن مُنَبِّه. (^٢) الكشف والبيان، مرجع سابق (٣/ ٨٠ - ٨٢)، وهو في "معالم التنْزيل" (١/ ٣٠٨).

1 / 147