Fikrat al-Ifriqiyya al-Āsiyawiyya
فكرة الإفريقية الآسيوية
Editor
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
Publisher
دار الفكر
Edition
الثالثة
Publication Year
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Publisher Location
دمشق سورية
Genres
وهكذا وجدنا في القرن السادس عشر في اللحظة التي بلغت فيها الامبراطورية العثمانية منتهى قوتها في حوض البحر الأبيض المتوسط، وفي أوروبا الجنوبية الشرقية أن ديوان العلماء عندما أخذ رأيه أيام السلطان (سليم السفاح) في مشروع لتحويل إكراهي للأطفال المسيحيين في المناطق المحتلة إلى الإسلام، قد اعترض هذا الديوان على المشروع، وأدانه طبقًا لمبدأ صريح مطلق، منع قبل ذلك تكوين (هيئة تبشيرية) داخل المجتمع الإسلامي كما تكونت داخل المجتمع المسيحي.
وفي الظروف الحالية، نستطيع على الأخص أن نقيس أهمية هذين المبدأين وفاعليتهما في دور الإسلام كمنقذ في العالم، حيث تنحصر المشكلة على وجه التحديد في أن يتخلص من تورطه في فكرة السيطرة الأخلاقية والزمنية، وهذا بقدر ما يتجه التطور العالمي نحو عهد من الإنسانية العالمية، تلك التي يجب أن يتجه إليها كغاية مقررة للخروج من الأزق، والتي يمكن فعلًا أن نرى (جنينها) اليوم في تخطيط المنظمات في ميثاق الأمم المتحدة، وفي إعلان (حقوق الإنسان) التي تهدف إلى أن تكفل له كرامته، ولكن هذا الضمان نفسه يسمح لنا بأن نقيس التأثير النسبي جدًا للنظام (المدني Laic) في هذا الميدان، فإنه بكل صراحة لم يضمن شيئًا وهذا معروف في الجزائر بكل أسف حيث ينقض الاضطهاد والقمع على رؤوس الشعب بوحشية لم نعرف لها نظيرًا، وما كان له أن يضمن شيئًا في عالم لا يتوفر فيه للضمير الإنساني قاعدة أخلاقية.
وهل في الواقع من مغزى لهذا الضمان في ضمير وحوش تعذب وتقتل رجلًا ملونًا إذا ما أبدى إعجابه في الطريق بامرأة بيضاء؛ وماذا يمكن أن يكون مغزاه بالنسبة إلى أولئك الذين يتخذون من التفرقة العنصرية نظرية للدولة في جنوبي إفريقية؛ .. الواقع أن هذا النوع من الابتداع الذي عكفت عليه الآداب الرسمية لا يغني سوى أدب (الإنسانيات) الأكاديمية الصادرة عن الأذواق الإغريقية اللاتينية، وهو أدب لا يغني مطلقًا الضمير الإنساني، فإذا لم يكن لدى هذا
1 / 234