162

Thawrat Shicr Hadith

ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة

Genres

الليل يفض أختامه ويجلب من الهاوية

ضوءا يرتفع فوق الموت،

أغمض عيني، فيقول عالم عظيم يغشيني (عالم) خال من الضوضاء؛

يقيني أبنيه على الظلام،

وكلما زاد البرق عتمة، كلما أصبح ملكا لي،

في السواد تبزغ زهرة.

وليس من العسير أن نفهم معنى القصيدة. فالظلام أو الغموض الذي يتحدث عنه الشاعر يأتي من احتمائه بنفسه من العالم الخارجي والابتعاد عن أضوائه وضوضائه. إنه يغلق عينيه فينفتح عالمه الداخلي ويتحرر من ضجة الحياة والموت ويحول الظلام - أو اختفاء الواقع الخارجي - إلى نور، ويطلع تلك الزهرة التي لا تتفتح إلا في نور الظلام (والوردة هنا هي الكلمة الشاعرة كما عرفناها عند مالارميه وإن لم تقترن عند الشاعر البرتغالي بمعنى الفشل الذي وجدناه لدى الشاعر الفرنسي). أي أن الشعر لا يوفق ولا يكتمل إلا في عالم «اللاواقع» الذي يجبره على الغموض والإظلام، وهي فكرة أساسية في الشعر الحديث.

وقد نشأت في إيطاليا منذ حوالى ثلاثين عاما حركة أدبية راحت تنادي بالغموض في الشعر حتى سميت بحركة الغموض والإلغاز

Hermetism-ermetismo

وكان من بين ممثليها الشعراء بونتمبيللي، ومونتاله (الذي ترجم أشعار إليوت إلى الإيطالية) وسابا، وأنجارتي، وكوازيمودو. وقد تأثرت هذه الحركة بشعراء البارناسية والرمزية في القرن التاسع عشر (رامبو، مالارميه، فاليري) فراحت تسعى إلى تأكيد طابع الغموض والسحر والأسرار في الشعر، وتقدم نغمة الكلمة وقيمتها الشعورية على معناها. ويصح أن نقف هنا قليلا عند أحد أعلام هذه الحركة الذين ارتبط اسمهم بها، وهو أنجارتي

Unknown page