Thawra Thaqafiyya Muqaddima Qasira
الثورة الثقافية الصينية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
وبحلول ديسمبر من عام 1978، كان دنج قد نجح في تجريد هوا من السلطة الحقيقية، وتبنى الحزب سياسة الإصلاح، وشرع في إعادة تقييم الثورة الثقافية بمزيد من الجدية؛ ففي الفن، عرض أدب «المجروحين» ما احتوته من ظلم وفساد، وفقدت النماذج الماوية التي كانت مقدسة يوما شعبيتها، وكشف النقاد عن معونات حكومية كانت تمنح لوحدة دازهاي الإنتاجية «ذات الاكتفاء الذاتي» في ظل حل الجمعيات التعاونية الزراعية. ونضب النفط من حقل داتشينج، وسقطت «مجموعته البترولية» من السياسيين في بكين حين غرقت منصة بترول ساحلية في عام 1979، مما أسفر عن مصرع اثنين وسبعين عاملا.
أظهرت التغييرات التي طرأت على السياسة الاجتماعية والثقافية مدى الرفض للثورة الثقافية؛ ففي غياب الضغط الماوي، لم يرغب أحد حقا في بقاء شباب المدن في الريف. وبحلول عام 1980، كان معظمهم قد عاد إلى مدنهم الأصلية، واستؤنفت اختبارات الالتحاق بالجامعة على مستوى البلاد، وتم رفع حد السن إلى سبعة وثلاثين عاما لتعويض عقد كامل من الفرص الضائعة، وخاض ما يقرب من 6 ملايين شخص ما قد يعد أكثر الاختبارات تنافسية في التاريخ؛ وفاز 5 بالمائة منهم بأماكن في الجامعة. ولا تزال «دفعة 77» تلك تعتبر مجموعة استثنائية غير عادية.
شددت سياسات التعليم والفن على استعادة المؤسسات القديمة وإعادة تأهيل المسئولين المخلوعين، كل بهدف استعادة عصر ذهبي خيالي للشيوعية، ولكن دون ماو أو لين بياو. وقد صاحب الحفل التأبيني الذي أقيم في عام 1980 لليو شاوشي موجة من عمليات إعادة التأهيل، رافقتها تكريمات لمن ماتوا وتعويضات لمن قضوا سنوات بعيدا عن الحظوة السياسية.
ولمزيد من الهدم للماوية، على المدى الطويل، جاءت المبادرات الاقتصادية الجديدة لتشجيع الأسواق والصادرات؛ فعلى الرغم من أن الصين كان لها تراث راسخ في التسويق، فقد دمرت الثورة طبقتها الرأسمالية. ومن بين العديد من المفارقات أن أعضاء الحرس الأحمر السابقين استغلوا علاقاتهم الشخصية التي تكونت في الإطار السياسي للثورة الثقافية لبناء شبكات تجارية جديدة.
ازدادت الإثارة الثقافية بإعادة اكتشاف أساليب وأعمال من تاريخ الصين الماضي ومن العالم الخارجي، وتهافتت الجماهير من أجل استيعاب الوفرة المفاجئة في الاختيارات الجمالية. وكانت المقاومة من جانب المسئولين الأكثر محافظة (وليس الماويين بالضرورة) تندلع من آن لآخر، ودائما ما كانت تتمحور حول الموسيقى الشعبية الواردة من الخارج، بما في ذلك تيريزا تينج، وهي مطربة رومانسية تايوانية. وقد عبر دنج شياو بينج عن ذلك بأسلوب أهدأ من المسئولين الأدنى مرتبة حين قال: «حين تفتح النافذة، سوف يدخل بعض الذباب.»
كانت معظم الرقابة تطبق من جانب المتعصبين أو الخائفين، وما لبثت أن بدأت تخف. وظهرت رؤى تاريخية جديدة أتاحت نقاشا أكثر تفصيلا لتاريخ الصين، ومن ثم لم يعد عام 1949 يمثل الخط الفاصل بين الجيد والسيئ. وفي النهاية تحررت عملية إعادة اكتشاف الصين الجمهورية من التهديدات العسكرية من قبل شيانج كاي شيك. (2) تحديد المسئولية
ليس صحيحا أن السلطات الصينية لم تتعامل مع الثورة الثقافية قط، فقد ظل الغرب غير واع بشكل عام بمدى ما أبداه الحزب الشيوعي من اعتذار، وتنديد، وتعويضات عن هذه الحركة الماوية، وهو ما شمل المحاكمات العلنية، وعمليات إعادة تأهيل الضحايا، وإعادة الوظائف، والملكيات المفقودة، والدخل.
وفي عام 1981، قامت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بإصدار بيان عن تاريخ الحزب، تضمن رفضا واضحا للثورة الثقافية، وجاء فيه: «كانت «الثورة الثقافية» التي امتدت من مايو 1966 إلى أكتوبر 1976، مسئولة عن أكثر الانتكاسات حدة وأفدح الخسائر التي عانى منها الحزب، والدولة، والشعب منذ تأسيس الجمهورية الشعبية. وقد كان الرفيق ماو تسي تونج هو مطلقها وقائدها.»
وواصل البيان: «لقد أظهرت التجربة أن «الثورة الثقافية» لم تشكل ثورة أو تقدما اجتماعيا بأي حال، ولم يكن بالإمكان أن تفعل ذلك. لقد كنا نحن، وليس العدو، من ألقتهم «الثورة الثقافية» في مصيدة الفوضى والاضطراب.»
قدمت المحاكمة العلنية المتلفزة لأعضاء عصابة الأربعة وعصابة لين بياو في عام 1980 خاتمة رمزية لملايين من المشاهدين المنبهرين؛ فقد أدين المتهمون العشرة باضطهاد 727420 شخصا وقتل 34274. تحدثت جيانج تشينج بلهجة تحد، فيما رفض حاكم شنغهاي تشانج تشن شياو (الذي ربما كان أخطر القادة السياسيين المتهمين) الحديث نهائيا . وقد حكم على الاثنين بالإعدام مع إيقاف التنفيذ لمدة عامين، لتعدل العقوبة بعد ذلك إلى سجن مدى الحياة. وحصل نائب رئيس الحزب السابق وانج هونج ون على حكم بالسجن مدى الحياة، بينما حكم على مسئول الدعاية المخلوع ياو ون يوان بالسجن لمدة عشرين عاما. أما تشن بودا، سكرتير ماو وقائد مجموعة الثورة الثقافية، وكبار القادة العسكريين الذين أدينوا باعتبارهم «أعضاء عصابة لين بياو»، فقد حصلوا على أحكام بالسجن لمدد تراوحت ما بين ستة عشر عاما وثمانية عشر عاما.
Unknown page