مدت له يدها بالجريدة المسائية وهي تقول: جثة رجل في الخمسين، شبه عار، كسر في الفقار والساقين وعظام الرأس، دهمته سيارة وهرب الجناة، لم تعرف هويته كما لم يعرف له أهل.
قرأ الخبر، ثم رمى بالجريدة قائلا: عدنا إلى الجحيم. - لم نخرج من الجحيم. - نحن لم نخرج من الجحيم. - نحن في الواقع قتلة. - نحن في الواقع قتلة.
ثم وهو ينظر إلى النيل: وفضلا عن ذلك فإني دفعت إلى باب التشرد.
وقص عليها قصة المدير العام. وتبادلا نظرات ميتة وهي تعرب عن أسفها، ثم سألته: ألك مورد غير الوظيفة؟
فضحك ضحكة أغنت عن الجواب، وقال: إنهم يدفعون أجرة العوامة وكافة تكاليف السهرة. - الرفت عقوبة نادرة الحدوث. - سيقول لكل كائن إنني مدمن منحل! - يا للبلاء لقد تراكمت المصائب!
وانطوى كل في قوقعته.
وإذا بالعوامة تخفق في هزات متتابعة، ثم جاء الصحاب جميعا بوجوه غريبة. وقال أنيس لنفسه إنهم يتوقعون متاعب من ناحية سمارة. وسأله رجب - وهو يشير إلى الجوزة - لماذا لا يعمل، فأجابه بأنه لا يوجد شيء، وقال لنفسه إنه يتظاهر بالاستهانة ولكن دون جدوى. وتبين أنهم اطلعوا على الخبر في الجريدة. أجل، وما لبثوا أن علموا بمأساته مع المدير العام. وتأوه علي السيد قائلا: «يا للمصائب!» وقال أحمد نصر باهتمام: يجب أن نتخلص من الجوزة وأدواتها في الحال.
وحدجوه باستنكار فاستطرد: لا أستبعد أن يعمل المدير على الإيقاع بالعوامة!
وفي تصميم قام من فوره وراح يرمي بالجوزة والكراسي والمعسل وسائر الأدوات المساعدة إلى النيل، ثم ارتمى على الشلتة وهو يقول: اعتبروا العوامة منطقة خطر حتى ينجلي الموقف.
وتبادلوا نظرات كئيبة عارية من التصنع حتى تمتم أنيس: الجنة ولت!
Unknown page