322

Tib al-madaq min tamarat al-awraq

طيب المذاق من ثمرات الأوراق

Publisher

مكتبة الجمهورية العربية، مصر

وأرتد طرف قصده عن القدس خاسئا وهو حسير، فأمرت له الصدقات الصاحبية بمركوب ونفقة تعينه على السفر والإقامة ولحقه في ذلك فقير عجمي ينشد لسان حاله:

بي مثل ما بك يا حمامة

فلم أر مثلها صدقات تجود من الزاد والراحلة بالغيث والبرق، ولا مثله متصدقا يجلس لحظة واحدة فيركض نداه في الغرب والشرق، وعجنا بعجلون فحشر الناس لدينا ضحى، وجاء أهل المدينة يستبشرون فرحا، وارتفعت الأصوات بالأدعية الوافية، وأردنا أن نكتم دخلونا البلد وكيف تكتمنا وهي ذات عين صافية، ثم نزلنا بالخيام في مرجتها الخضراء تحت قلعتها الغراء وهي في معارج السحب صاعدة شائدة، في الجو كأنها في السحر على عمود الصبح قاعدة، مضيئة بين عقود الأنجم كأنها درتها اليتيمة، جالسة على سرير الخيل تنادم الفرقدين كأنها جذيمة، فنظر في المصالح، وميز بالعدل بين الصالح والطالح، وعجل من عجلون المسير فلم ينظر بالغادي الذي هو رائح، وأشرفنا على بركات القصد المنجية واقتحمنا إلى الفور عقبة سهلها السعد فلا تقل ما أدراك ما العقبة واستفتحنا المزارات التي نوينا قصدها وطوينا غورها ونجدها، بمشهد صاحب رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وهو أبو عبيدة بن الجراح

Page 80