الجزء الأول بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي اطلع في بروج اعتدال القدود شموس المحاسن والجمال وأهل في منازل السعود بدور اللطائف والكمال وزين أغصان القدود برمان النهود ورياض الوجوه بنرجس اللحاظ وورد الخدود وألف بين ما نظم في الثغور وقلائد النحور وجعل تسريح الأبصار لذوي البصائر ولطافة الأفكار من أسباب الافتتان بتأمل الحسان فنزلهم وإن اختلفت أغراضهم منزلة الأغراض لرشق قسي الحواجب بسهام الألحاظ نحمده على تعديل أمزجة فرعها صحة التأمل في حسن التجمل وتصفية نفس لازمها الاستبصار والتبصر في الفرق بين الجهل والتعقل ونصلي ونسلم على من بعث ينهي النفس عن الهوى والإرشاد إلى طريق العدل والاستوا والأمر باعلاء العقل على النفس وقهر شهوات الجسم وتقييد مدارك الحس فحث على تهذيب النفس الأبية عن الرذائل الدنيئة سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه المتخلقين بأكرم الأخلاق والأوصاف وأجمل اللطافة والعفاف ما نضرت الحدائق ونظرت الحدق وتأنق المفلق وتألق الفلق. وبعد فلما دل تنويع أصل الإيجاد وتفريع عالم السكون والفساد مع قدرة الموجد على جعل ما أوجد من أصل واحد على سأم النفس من ملازمة الشيء الواحد في كل حال واستراحتها في اختلاف الأطوار بالنظر والانتقال وكان أعظم مطلوب منها تحصيل العلوم التي هي سبب السعادة الدينية وتشييد المباني الشرعية وجب إسعافها بالمفاكهات الأنيقة والأخبار اللطيفة الرشيقة لتنشط من عقال التعب وتستريح فتعود إلى المطلوب منها خفيفة من كل الوصب والنصب وذلك هو العلوم الأدبية كالتواريخ والأخبار ولطائف الحكايات والأشعار ولما من الله تعالى علي بعد تحرير العلوم العقلية وتهذيب النفس بالدائق الحكمية بالهجرة إلى الديار المصرية فمثلت بها بين يدي الأماثل وخدمت من سما فيها من أرباب الفضائل من أيضًا ﷾ كجاري عوائده السنية بتحصيل ما أمكن من العلوم الشرعية بيد أني رميت في خلال الاشتغال بما شوش الفكر وغير البال وهيج أليم البلبال من هموم وحاجة واغتراب ... كدرت مني القوى النفيسه فهي في كل ساعة في ازدياد ... غبت منه عن مدرك الحميه فأنا وهي في التلازم صرنا ... كالهيولي والصورة الجنسيه لا أجد من يفرج الكرب إذا شكوت إليه ولا من أعول إذا ضاق الأمر عليه كان الزمان كما قيل: ففي المساوي يد التساوي ... فلا معين ولا معين

1 / 1

فغيرت ذلك إدراكي الثاقب فقصرت عن بلوغ المآرب فأعملت الحيلة فيما به أريح النفس وأنفي اللبس في الفكر بعد طول التعب إن امتطى غارب الأدب فارست من الأصحاب من هوله كالعناصر فمال إليه ذهني الفاتر فشرعت في جمع شيء في محاسنه المختلفة وضمها بحيث تكون في الجنس وإن اختلفت بالنوع مؤتلفة فكان أول ما سطرته وأحكمت قواعده وحررته طبقات ذكرت فيها أخبار الحكماء ولطائف الأطباء ثم لم أزل أجيل النظر في مجاميع مختلفة إلى أن وقع اختياري على اختصار الأشواق المأخوذ من مصارع العشاق المنسوب إلى أبي بكر محمد بن جعفر البغدادي السراج ﵀ فإنه وإن كان قد جمع فيه بين جد القول وهزله وظرائف نكت العشق وأهله ورقيق اللفظ وجزله إذ هو صنيعة وحيد زمانه ورئيس أقرانه وواحد عصره ونادرة دهره مولانا أبي الحسن إبراهيم بن حسن بن عمر الرباط الشهير بالبقاعي تغمده الله برضوانه وأسكنه فسيح جنانه إلا أنه كتاب طال في غير طائل وجمع ما لا حاجة بهذه الصناعة إليه من المسائل كذكر الأسانيد والتكرار الذي هو شأن الأحاديث النبوية لتوثيق الأحكام الدينية كالإخلال بمحاسن الأخبار ولطائف الأشعار التي هي بهذا الفن أعلق من الجوى بأهل الهوى وعدم الترتيب المستلزم لاختلال التهذيب وكالاعراض عن ذكر غالب أسباب وقوع بعض العشاق في شرك الحب إلى غير ذلك مما يظهر لمتأمل كتابنا مع أصله إذا طرح الهوى وانتظم في سلك الانصاف وأهله فألفت هذا الكتاب الذي هو في قلادة هذا الفن درة بيضاء وفي جبهة جواده غرة غراء أكملت فيه فوائده ورددت شوارده وأضفت ما نبذه ظهريا ولم آت شيافريا فزاد على أصله بأمور إثني عشر أحدها وهو الأعظم تبديل ما في الباب العاشر الذي سماه بالشارع الجامع لما في المصارع بما هو خليق بهذا الاسم وجدير بهذا الرسم ضمنته ما حل مما تقدمه محل الأصول من الفروع كجعلك الغيرة أصلًا لنحو حكاية ديك الجن وكتم الأسرار لنحو صاحب الجارية في عرفة وتأمل الخيال لنحو من عشق في نومه إلى غير ذلك وجمعت فيه ديوان الصبابة وغيره وهو نمط ما بسط قبل وثانيها حسن التقسيم في الأبواب وثالثها لطف الترتيب وضم الأنواع المتماثلة ورابعها حذف الأسانيد والتكرار مع ذكر ما اختلف باشارات كان وقيها وخامسها ذكر السبب الموقع لصاحب الحكاية فيها وسادسها تمييز من جهل شيء من أحواله ممن علم بسائر أقواله وأفعاله وسابعها تفصيل من علق الأحرار من أهل الرق والمسلمين من أهل الشرك وأمثال ذلك من قديم ومحمد وثامنها ذكر ما في الأصل من الألفاظ اللغوية مفسرًا ذلك بازائه مبدلًا ذلك بأوضح منه وتاسعها شرح ما في الأشعار من الغريب وعاشرها تعليل الأسباب المتعلقة بهذا الفن بالعلل الحكمية مأخوذًا من الأصول والأدلة الفلسفية والقواعد الطبية وحادي عشرها ذكر تعلق هذا الفن بأنواع المواليد الثلاثة وكيفية دخوله فيه وثاني عشرها الزيادات في الأبواب فربما كانت أنواعًا مستقلة وتكميلًا لما وجد بعضه في الجملة وربما زاد عليه بأشياء غير المذكورة في مطاوي معانيه فترعن استحضارها الذهن هنا كل ذلك مما استخرجه فكري القاصر وذهني الفاتر أو ظفرت به في كتب ربما أسمى بعضها فيه هذا كله مع إني والله لم أخل في يوم من أيام عمله في مشوش طارىء على ما عندي لها سبقت الاشارة إلى ذكره ولما كمل واتسق وانتظم في أكمل نسق سنه بتزيين الأسواق بتفصيل أشواق العشاق ورتبته على مقدمة وخمسة أبواب وخاتمة والله المسؤول أن ينفع به فيما قصد بترتيبه وأن يوفقنا إلى أصح القول وتهذيبه أنه أكرم من أعطى المراد وسئل فجاد فالمقدمة فيما جاء فيه من الأخبار والآثار ويلي ذلك أربعة فصول الأول في الترغيب فيه والثاني في رسمه والثالث في مراتبه والرابع في علاماته. والباب الأول في مصارع محبي الله تعالى وفيه فصل ميزنا فيه من قتله التذكر بنحو سماع آية. والباب الثاني في عشاق الجواري وهو ستة أقسام الأول فيمن اشتهر الثاني فيمن جهل الثالث في عشاق الاماء الرابع فيمن حظي بالتلاق بعد تجرع كأس من الفراق الخامس فيمن وسموا بالفساق من العشاق السادس فيمن نكث الصحبة وحل عقد المحبة وفي كل أقسام أصناف وأنواع بحسب ما احتمله المقام من صحة الانقسام.

1 / 2

والباب الثالث في عشاق الغلمان وهو أربعة أقسام الأول فيمن استلب الهوى نفسه الثاني فيمن جهل حاله الثالث فيمن ظفر بمطلوبه الرابع فيمن منعه الزهد والعبادة أن يقضي مراده وألحقت ذلك بخاتمة تشتمل على ذكر دوا للسلو عن الهوى. والباب الرابع في ذكر دخول العشق فيما سوى البشر وهو نوعان الأول في الجن والثاني في الحيوان والنبات والمعدن والعناصر والأفلاك. والباب الخامس قد اشتمل على فصول كل فصل منها قد احتوى على النكت والعجائب واللطائف والغرائب من أصول هذه الصناعة وقد ألزمت نفسي أن أفتح كل فصل منه بكلام استاذ الحقيقة ورئيس أهل الطريقة مسكت كل لافظ ومبين ما في الطريق من القواطع والعوارض سيدي عمر بن الفارض غمرنا الله تعالى ببركاته وطيبنا بنفحاته متبعًا ذلك بما تيسر من حل ألفاظه حسب ما سنح في الذهن ثم أقول بعد انتهاء متعلق الطريقة رجع إلى كلام المترسمين من أهل الظاهر واختم الفصل بما سمعت به القريحة الفاترة والفكرة القاصرة من لطائف النظم المناسب لما ذكر عن أهل الصناعة هنالك واتبعت الفصول بتتمة في لطائف الغزل الخاص والعام وتقسيم ذلك. وأما الخاتمة ففي لطائف ونكت متفرقة لا التزم تعلقها بالعشق وبها يتم الكتاب. المقدمة فيما جاء فيه الكتاب من الأحاديث والآثار وفي حده ومراتبه

1 / 3

أعلم أن واهب الصور لما صدر عنه العقل كان أعظم صادر لقربه من الكمال الذاتي فالعود إليه وطلب القرب منه واجب على كل ذي نفس قدسية ومن تطابقت الأدوار شاهدة بذلك ويدل له عموم فقال له أقبل الحديث وعنه النفس الكلية ثم قسما الأجسام الفلكية والعنصرية كما هو في محله إلى أن كان أشرف النفوس وأرفعها على الاطلاق النفس الانسانية ولشبه الشيء بأصوله كما هو واضح مقرر في محله بالبراهين انقسمت هذه النفس باعتبار أصولها إلى ثلاثة أقسام أحدها النفوس المعدنية وهي الجامدة التي لا تعقل ما يراد منها ولا نعرف إلا ما تقوم به بنيتها ويصدر عنها وذلك أما بالخاصية أو بأمر أودعها صانعها فيها لمصالح يعلمها ويشهد لذلك ما يشاهد من صور في الجبال والطن ونحوهما وثانيهما النباتية وهي أرفع من الأولى باعتبار الذبول والتحلل الظاهر وثالثها الحيوانية وتفصل السابقة بالحركة الارادية والحساسية ونحوهما من العوارض ثم كل واحدة من هذه الثلاث تنقسم باعتهار ما تشابهه من النوع كانقسامه في نفسه وذلك كانقسام الأولى إلى ما يكون صافي الجوهر جيده كالياقوت والذهب والثانية إلى ما هو كثير النفع طيب الطعم والرائحة كالعنبر والعود والثالثة إلى ما هو صالح للنفع والزينة كالخيل وإلى شجاع كالأسد وخبيث كالنمر وحافظ للعهد كالكلب وقوام على حفظ ما يستحفظ كالقرد ونظائر ذلك ولما كانت النفس الانسانية زبدة الكائنات وخاتمة طرفي سلسلة العلل والمعلولات لا جرم كانت مقتدرة على أن تتبع شهوات الجسم وعوارض الكثيف فتكون حيوانية بحتة أو تعمل في خلاص النفس من ظلمة الطبيعة وقفص الجسم فتحلق بعالمها الأصلي وهي النفس الملكية المقرة بالمبدأ والمعاد المخلصة من محض الكثافة المنتظمة في سلك محض اللطافة أو تجمع بين الأمرين وتؤلف بين الطريقين وهذه هي الانسان المطلق والأولى الحيواني والثانية الملكي فقد بان لك أن الإنسان منقسم كأصله ومميز بفعله ثم لا شبهة في انقسام كل كالمنتسب إليه ويكون كماله منزلًا عليه فالحكيم محتاج في اصلاح الأولى إلى ما يكون بمجرد حسن اللفظ والسياسة كالطيور أو بالضرب والاهانة كالدب والحمار وباطعام الطعام كالخيل والكلاب أو بالارسال والجدب والتحفظ من غدرها كالأسود والجمال والثانية وإن تفاوتت مراتبها غنية عن الاصلاح إلا من قبل مبدعها والثالثة هي المحتاجة إلى العلاج وملاطفة الزاج والعشق الحقيقي لها غالبًا لأنه تابع للأمزجة ولأن عشق الملكي والحيواني بسيط إذ الأول يكون لمحض ذات واجب الوجود ومبدع الفيض والجود والثاني لمحض قضاء شهوات الجسم الفاسدة الناشئة عن الفكر الجامدة إذا تقرر هذا فاعلم أن العشق بعد أن سمعت ما سمعت يختلف باختلاف المزاج على أنحاء أربعة سريع التعلق والزوال كما في الصفراويين وعكسه كما في السوداويين وسريع التعلق بطيء الزوال كما في الدمويين وعكسه كما في البلغميين ومثل هذه مراتب الحفظ والنسيان وأما المعتدل فيكون العشق فيه كذلك فعلى هذا يكون قولهم لكل أحد صبوة الأمل جفت خلقته أو نقصت بنيته أو خرجت عن الاعتدال أمزجته محمولًا على الاعتدال النسبي الذي إذا حصل لشخص كان به على ما ينبغي أن يكون عليه لا الحقيقي لعزة وجوده ولزوم ندور العشق حينئذ والواقع خلافه ثم هو متى وقع على ما وصفناه أمكن حصول المزايا المذكورة فيه فقد قال الاستاذ أن أقل مزاياه تعليم الكرم والشجاعة والنظافة وحسن الأخلاق وذلك أن غاية مراد العاشق رضا معشوقه ورضا المعشوق يكون بانصاف العاشق بما يوجب المدح ويحسن المرتبة في القلب فعلى ثبوت هاتين المقدمتين ينتج ما قلناه واللازم واقع فكذا الملزوم وبيان الملازمة ظاهر وايضاحه أن العاشق وإن بخل جدًا فلا يمكن بخله على المعشوق ومنه يتطرق الحال إلى من يعلم أنه متى بخل عليه أوصل الأمر إلى معشوقه وهكذا فيؤدي الحال إلى مطلق الكرم وكذا باقي السجايا المذكورة ولذلك جاء الناموس الشرعي بمطابقة القانون الحكمي كما هو شأن الشارع في غير هذا أيضًا ليكون التطابق بين الحكمة والشرع في كل شيء ولا عبرة بكلام بعض الأغبياء عن ابن عباس ﵄ عن النبي ﷺ من عشق فعف فمات دخل الجنة زاد الخطيب عن فظفر ثم أبدل قوله دخل الجنة بقوله مات شهيدًا وفي أخرى وكتم والحديث بسائر ما ذكر صححه مغلطاي وأمحله البيهقي

1 / 4

والجرجاني والحاكم في التاريخ بضعف سويد وتفرده به ورواه ابن الجوزي مرفوعًا وأبو محمد بن الحسين موقوفًا وأخرج الخطيب عن عائشة رفعه أيضًا وحاصل الأمر ما صحته أو حسنه والجواب عن تفرد سويد المنع بوروده عن غيره وحكايته تحديثًا وكونه قبل عماه فلا تدليس وإذ قد ثبت فهو شاهد بما قلناه لأن غاية الغايات دخول الجنة وهو مستلزم لرضا الله الذي لا مطلب أعلى منه وقد جعلت مقدمة هذا المطلب العالي العفة وهي مذهب الحكماء بل أساس الحكمة وهي كما صرح به المعلم ثمرة الأصل الطاهر لأن أعلى الخلق الرضا والمزاج المعتدل ومنا الكتم وهي ثمرة المروأة والشهامة وكلاهما مستلزم علو النفس وصحة المزاج فقد اتضح ما قلناه. وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله ﷺ إن الله ليعجب من شاب لا صبوة له ووجهه الاعجاب القدرة على حكم زمام النفس وزجرها مع تركيب الشهية وتوفر الدواعي وما تكلفه في الأصل من أن المواد بالإعجاب أثره واضح لا يحتاج إليه لأنه وما شاكله من الرحمة التي هي رقة القلب لا تكون إلا لذي المزاج ولما علم بالضرورة تنزهه عن الأجسام والأعراض علم برؤه من لوازمها فما وقع مما يوهم شيئًا فالمراد لازمه ولصحة هذا الحديث واشتهاره بين الأكابر جاء تضمينه في أشعارهم كثيرًا فمن ألطف ما قيل في ذلك قول ابن الصائغ: والحاكم في التاريخ بضعف سويد وتفرده به ورواه ابن الجوزي مرفوعًا وأبو محمد بن الحسين موقوفًا وأخرج الخطيب عن عائشة رفعه أيضًا وحاصل الأمر ما صحته أو حسنه والجواب عن تفرد سويد المنع بوروده عن غيره وحكايته تحديثًا وكونه قبل عماه فلا تدليس وإذ قد ثبت فهو شاهد بما قلناه لأن غاية الغايات دخول الجنة وهو مستلزم لرضا الله الذي لا مطلب أعلى منه وقد جعلت مقدمة هذا المطلب العالي العفة وهي مذهب الحكماء بل أساس الحكمة وهي كما صرح به المعلم ثمرة الأصل الطاهر لأن أعلى الخلق الرضا والمزاج المعتدل ومنا الكتم وهي ثمرة المروأة والشهامة وكلاهما مستلزم علو النفس وصحة المزاج فقد اتضح ما قلناه. وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله ﷺ إن الله ليعجب من شاب لا صبوة له ووجهه الاعجاب القدرة على حكم زمام النفس وزجرها مع تركيب الشهية وتوفر الدواعي وما تكلفه في الأصل من أن المواد بالإعجاب أثره واضح لا يحتاج إليه لأنه وما شاكله من الرحمة التي هي رقة القلب لا تكون إلا لذي المزاج ولما علم بالضرورة تنزهه عن الأجسام والأعراض علم برؤه من لوازمها فما وقع مما يوهم شيئًا فالمراد لازمه ولصحة هذا الحديث واشتهاره بين الأكابر جاء تضمينه في أشعارهم كثيرًا فمن ألطف ما قيل في ذلك قول ابن الصائغ: سأكتم ما ألقاه يا نور ناظري ... من الأجر كيلا يذهب الأجر باطلا فقد جاءنا عن سيد الخلق أحمد ... ومن كان برًا بالعباد وواصلا بأن الذي في الحب يكتم وجده ... يموت شهيدًا في الفراديس نازلا رواه سويد عن علي بن مسهر ... فما فيه من شك لمن كان عاقلًا وماذا كثيرًا للذي مات مغرمًا ... سقيمًا عليلًا بالهوى متشاغلا وألطف من ذلك ما حكاه التاج السبكي في الطبقات الكبرى عن أبي نواس قال مضيت إلى باب أزهر والمحدثون ينتظرون خروجه فما كان إلا أن خرج وجعل يعظهم واحدًا بعد واحد حتى التفت إلي فقال ما حاجتك فقلت: ولقد كنت رويتم ... عن سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيب ... أن سعد بن عباده قال من مات محبًا ... فله أجر شهاده فقال أزهر نعم وذكر الحديث ولأبي نواس أيضًا: حدثنا الخفاف عن وائل ... وخالد الحذاء عن جابر ومسعر عن بعض أصحابه ... يرفعه الشيخ إلى عامر وابن جريج عن سعيد وعن ... قتادة الماضي وعن غابر قالوا جميعًا أيما طفلة ... علقها ذو خلق طاهر فواصلته ثم دامت له ... على وصال الحافظ الذاكر كانت لها الجنة مبذولة ... تمرح في مرتعها الزاهر وأي معشوق جفا عاشقًا ... بعد وصال ناعم ناضر ففي عذاب الله مثوى له ... بعدًا له من ظالم غادر

1 / 5