Taysir Tahrir
تيسير التحرير
Publisher
مصطفى البابي الحلبي-مصر ١٣٥١ هـ
Publisher Location
١٩٣٢ م
الاحتمال (وللإمام) أي إمام الحرمين استدلال (قريب منه) أي من هذا الدليل، وهو أن التخصيص (لو لم يفد) بيان (الحصر لم يفد اختصاص الحكم) بالمذكور دون غيره، واللازم منتف، أما الملازمة فلأنه لا معنى للحصر فيه إلا اختصاصه به دون غيره، وأما انتفاء اللازم فللعلم الضروري أنه يفيد اختصاص الحكم بالمذكور، وإليه أشار بقوله (لكنه يفيده في المذكور، وجوابه منع انتفاء اللازم) بأن يقال لا نسلم أن عدم إفادته الاختصاص منتف (بل إنما يفيد الحكم على المذكور لاختصاصه به) أي بالمذكور (مع ما في تركيبه) أي جوابه المنع مع الذي في تركيب الدليل أو المستدل من المحذور، يعني المصادرة على المطلوب أو ما يقرب منه (إذ هو) أي ما في التركيب ما حاصله (لو لم يفد الحصر لم يفد الحصر) قال الأبهري: في تالي هذه الشرطية تفصيل ليس في مقدمها، فلا يعد من استلزام الشيء لنفسه، وفي نقيض تاليها تفصيل ليس في نقيض مقدمها، فلا يعد من المصادرة على المطلوب، بل هو من الاستدلال من التفصيل على الجملة انتهى. وقال المحقق التفتازاني: لا تفاوت بين المقدم والتالي إلا في اللفظ، وكان لفظ الاختصاص أوضح دلالة فجعل التالي انتهى، فغاية العناية به الفرار عن المحذورين لا إثبات المطلوب (وما روي لأزيدن على السبعين) أي ومن أدلتهم المزيفة احتجاجهم بأنه ﷺ فهم مفهوم العدد من قوله تعالى -إن تستغفر لهم سبعين مرة-، وهو أعلم الناس بلسان العرب لما روي عنه ﷺ "لأزيدن على السبعين" في الصحيحين "لما قام رسول الله ﷺ ليصلي على عبد الله بن أبي ابن سلول، قام عمر، فأخذ بثوبه، فقال يا رسول الله: تصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟ فقال ﷺ إنما خيرني الله فقال تعالى -استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة- وسأزيد على السبعين" وأخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد في تفسيره عن قتادة والطبري عن عروة مرسلا بلفظ الكتاب، ولو لم يفهم ﷺ أن حكم ما زاد على السبعين خلاف حكمها، وهو المغفرة لما قال ذلك، بل امتنع عن الاستغفار، وإذا ثبت مفهوم العدد ثبت مفهوم الصفة بالطريق الأولى، ولذا كل من قال بمفهوم العدد قال بمفهوم الصفة من غير عكس، وكذا ثبت مفهوم الشرط لكونه أقوى لمثل ما ذكرنا، وكذا الحال في مفهوم الغاية. (وأجيب بأنه) أي ما روي (ليس محل النزاع للعلم بأن ذكرها) أي السبعين ليس لتقييد عدم المغفرة بخصوص هذا العدد بل (للمبالغة) في الكثرة، فإنها صارت معناها عرفا في مثل هذا المقام، فالمراد سلب المغفرة بالكلية وإقناط منها، وإن بلغ عدد الاستغفار غاية الكثرة، ويلزمه عدم التفاوت بينها وبين ما فوقها، وإليه أشار بقوله (واتحاد الحكم في الزائد) أي وللعلم باتحاده
1 / 111