254

Al-Taysīr bi-sharḥ al-Jāmiʿ al-Ṣaghīr

التيسير بشرح الجامع الصغير

Publisher

مكتبة الإمام الشافعي

Edition

الثالثة

Publication Year

١٤٠٨هـ - ١٩٨٨م

Publisher Location

الرياض

عَن عبد الله بن جَعْفَر
(إنّ الله تَعَالَى عِنْد لِسَان كل قَائِل) يَعْنِي يعلم مَا يَقُوله الْإِنْسَان ويتفوّه بِهِ كمن يكون عِنْد الشَّيْء مهيمنا لَدَيْهِ محافظا عَلَيْهِ (فليتق الله عبد) عِنْد إِرَادَة النُّطْق (ولينظر) يتَأَمَّل ويتدبر (مَا يَقُول) أَي مَا يُرِيد النُّطْق بِهِ هَل هُوَ لَهُ أم عَلَيْهِ (حل عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن ابْن عَبَّاس
أنّ الله غيور) فعول من الْغيرَة وَهِي الحمية والأنفه وَهِي محَال عَلَيْهِ فَالْمُرَاد لازمها وَهُوَ الْمَنْع والزجر عَن الْمعْصِيَة (يحب) من عباده (الغيور) فِي مَحل الرِّيبَة (وَأَن عمر) بن الْخطاب (غيور) فَهُوَ لذَلِك يُحِبهُ لأنّ من لمح لمحا من وصف كَانَ من الْمَوْصُوف بِهِ بألطف لطف (رستة) بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْمُهْملَة وَفتح الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة عبد الرَّحْمَن الْأَصْبَهَانِيّ (فِي) كتاب (الْإِيمَان) لَهُ (عَن عبد الرَّحْمَن بن رَافع) التنوخي قَاضِي إفريقية (مُرْسلا) قَالَ الذَّهَبِيّ مُنكر الحَدِيث
(أَن الله تَعَالَى قَالَ من عادى) من المعاداة ضدّ الْمُوَالَاة (لي) مُتَعَلق بقوله (وليا) وَهُوَ من تولى الله بِالطَّاعَةِ فتولاه الله بِالْحِفْظِ والنصر (فقد آذنته بِالْحَرْبِ) أَي أعلمته بِأَنَّهُ سأحاربه فَإِن لم تَفعلُوا فأذنوا بِحَرب من الله وَرَسُوله وَمن حاربه الله أَي عَامله مُعَاملَة الْمُحَارب من التجلي عَلَيْهِ بمظاهر الْقَهْر فَهُوَ هَالك (وَمَا تقرّب إليّ عَبدِي بِشَيْء) من الطَّاعَات (أحبّ إليّ مِمَّا افترضته عَلَيْهِ) أَي من أَدَائِهِ عينا أَو كِفَايَة لِأَنَّهُ الأَصْل الَّذِي يرجع إِلَيْهِ جَمِيع الْفُرُوع (وَلَا يزَال عَبدِي يتقرّب) يتحبب (إليّ بالنوافل) أَي التطوّع من جَمِيع صنوف الْعِبَادَة (حَتَّى أحبه) بِضَم أوّله وَفتح ثالثه (فَإِذا أحببته) لتقربه إليّ بِمَا ذكر (كنت) صرت (سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ وبصره الَّذِي يبصر بِهِ وَيَده الَّتِي يبطش بهَا وَرجله الَّتِي يمشي بهَا) يَعْنِي يَجْعَل الله سُلْطَان حبه غَالِبا عَلَيْهِ حَتَّى لَا يرى وَلَا يسمع وَلَا يفعل إِلَّا مَا يُحِبهُ الله عونا لَهُ على حماية هَذِه الْجَوَارِح عَمَّا لَا يرضاه أَو هُوَ كِنَايَة عَن نصر الله وتأييده وإعانته فِي كل أُمُوره وحماية سَمعه وبصره وَجَمِيع جوارحه عَمَّا لَا يرضاه (وَإِن سَأَلَني لأعطينه) مسؤله (وَإِن استعاذني) بنُون أَو بَاء (لأعيذنه) مِمَّا يخَاف وَهَذَا حَال المحبّ مَعَ محبوبه (وَمَا تردّدت)
عَن) وَفِي رِوَايَة فِي (شَيْء أَنا فَاعله تردّدي عَن قبض نفس الْمُؤمن) أَي مَا أخرت وَمَا توقفت توقف المتردّد فِي أَمر أَنا فَاعله إِلَّا فِي قبض نفس الْمُؤمن أتوقف فِيهِ حَتَّى يسهل عَلَيْهِ ويميل قلبه إِلَيْهِ شوقا إِلَى انخراطه فِي زمرة المقربين (يكره الْمَوْت) لشدّة صعوبته (وَأَنا أكره مساءته) وأريده لَهُ لِأَنَّهُ يُورِدهُ موارد الرَّحْمَة والغفران والتلذذ بنعيم الْجنان وَفِيه أَن الْفَرْض أفضل من النَّفْل وَقد عدّه الْفُقَهَاء من الْقَوَاعِد لَكِن استثنوا مِنْهَا إِبْرَاء الْمُعسر فَإِنَّهُ أفضل من أنظاره وأنظاره وَاجِب وإبراؤه سنة وَابْتِدَاء السَّلَام فَإِنَّهُ سنة والردّ وَاجِب وَالْأَذَان سنة وَهُوَ أفضل من الْإِمَامَة الَّتِي هِيَ فرض كِفَايَة وَغير ذَلِك (خَ عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ الذَّهَبِيّ غَرِيب جدّا وَلَوْلَا هَيْبَة الْجَامِع الصَّحِيح لعدوّه من الْمُنْكَرَات
(أَن الله تَعَالَى قَالَ لقد خلقت خلقا) من الْآدَمِيّين (ألسنتهم أحلى من الْعَسَل) فبها يملقون ويداهنون (وَقُلُوبهمْ أمرّ من الصَّبْر) فبها يمكرون وينافقون (فَبِي حَلَفت) أَي بعظمتي وَجَلَالِي لَا بِغَيْر ذَلِك (لأتيحنهم) بمثناة فوقية فمثناة تحتية فحاء مُهْملَة فنون أَي لأقدّرن لَهُم (فتْنَة) ابتلاء وامتحانا (تدع الْحَلِيم) بِاللَّامِ (مِنْهُم حيران) أَي تتْرك الْعَاقِل مِنْهُم متحير إِلَّا يُمكنهُ دَفعهَا وَلَا كف شرّها (فَبِي يغترّون أم عليّ يجترؤن) الْهمزَة للاستفهام أَي فبحلمي ومهالي يغترّون والاغترار هُنَا عدم الْخَوْف من الله وإهمال التَّوْبَة

1 / 255