231

Al-Taysīr bi-sharḥ al-Jāmiʿ al-Ṣaghīr

التيسير بشرح الجامع الصغير

Publisher

مكتبة الإمام الشافعي

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٠٨هـ - ١٩٨٨م

Publisher Location

الرياض

(كثير يحبس الله بهَا من يَشَاء من خلقه) أَي يعوقه عَن الْمُرُور ليهوى فِي النَّار (حَتَّى يعلم أينجو أم لَا) وَهَذَا كُله إلهاب وتهييج وتذكير للمرء بِمَا أَمَامه من الْأَهْوَال (د ك عَن عَائِشَة) قَالَت ذكرت النَّار فَبَكَيْت فَقَالَ رَسُول الله مَالك قلت ذكرت النَّار فَهَل تذكرُونَ أهليكم يَوْم الْقِيَامَة فَذكره قَالَ الْحَاكِم صَحِيح لَوْلَا إرْسَال فِيهِ
(أما بعد) أَي بعد حمد الله وَالثنَاء عَلَيْهِ (فَإِن أصدق) لفظ رِوَايَة مُسلم خير (الحَدِيث) أَي مَا يتحدّث بِهِ وينقل وَلَيْسَ المُرَاد مَا أضيف إِلَى الْمُصْطَفى فَقَط كَمَا وهم (كتاب الله) لإعجازه وتناسب أَلْفَاظه وتناصفها فِي التخير والإصابة وتجاوب نظمه وتأليفه فِي الإعجاز والتبكيت وإفهامه مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْأَخْبَار وَالْأَحْكَام والمواعظ (وأنّ أفضل الْهَدْي هدي مُحَمَّد) بِفَتْح فَسُكُون فيهمَا وَيجوز ضم فَفتح بل قيل إِنَّه روى بِهِ أَيْضا أى أحسن الطّرق طَرِيقَته وسمته وَسيرَته أَو أحسن الدّلَالَة دلَالَته وإرشاده (وَشر الْأُمُور محدثاتها) جمع محدثة بِالْفَتْح مَا لم يعرف من كتاب وَلَا سنة وَلَا إِجْمَاع (وكل محدثة بِدعَة وكل بِدعَة ضَلَالَة) أَي كل فعلة أحدثت على خلاف الشَّرْع ضَلَالَة أَي تُوصَف بذلك لإضلالها وَالْحق فِيمَا جَاءَ بِهِ الشَّارِع فَمَاذَا بعد الْحق إِلَّا الضلال (وكل ضَلَالَة فِي النَّار) أَي صائرة إِلَيْهَا مَعَ فاعلها (أتتكم السَّاعَة بَغْتَة) بنصبه على المفعولية وَيجوز رَفعه (هَكَذَا) وَقرن بَين أصبعيه السبابَة وَالْوُسْطَى تَمْثِيل لمقارنتها أَو تقريب لما بَينهمَا من المدّة (صبحتكم السَّاعَة ومستكم) أَي توقعوا قِيَامهَا فكأنكم بهَا وَقد فاجأتكم صباحا أَو مسَاء فبادروا بِالتَّوْبَةِ (أَنا أولى) أَحَق (بِكُل مُؤمن من نَفسه) كَمَا قَالَ تَعَالَى النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم فَإِذا احْتَاجَ لنَحْو طَعَام لزم مَالِكه بذله لَهُ (من) مَاتَ (وَترك مَالا فلأهله) أَي ورثته (وَمن ترك دينا) عَلَيْهِ لم يوفه فِي حَيَاته (أَو ضيَاعًا) بِفَتْح الضَّاد عيالا وَأَطْفَالًا (فإليّ وعليّ) أَي فَأمر كِفَايَة عِيَاله اليّ ووفاء دينه عليّ (وَأَنا وليّ الْمُؤمنِينَ) أَجْمَعِينَ كَانَ لَا يُصَلِّي على من مَاتَ وَلم يخلف وَفَاء ثمَّ نسخ بِمَا ذكر (حم م ن هـ عَن جَابر)
(أما بعد فوَاللَّه إِنِّي لأعطي الرجل وأدع) أترك (الرجل) الآخر فَلَا أعْطِيه شيأ (وَالَّذِي أدع) إعطاءه (أحب إليّ من الَّذِي أعْطى وَلَكِن) اسْتِدْرَاك بَين بِهِ جَوَاب سُؤال تَقْدِيره لم تفعل ذَلِك مَعَ أنّ الْقيَاس الْعَكْس وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ لكني (أعطي أَقْوَامًا لما) بِكَسْر اللَّام (أرى) أَي أعلم (فِي قُلُوبهم من الْجزع) بِالتَّحْرِيكِ أَي الضعْف عَن تحمل الإملاق (والهلع) محرّكة شدّة بالجزع أَو أفحشه أَو هما بِمَعْنى فالجمع للإطناب (وَأكل) بِفَتْح فَكسر (أَقْوَامًا إِلَى مَا جعل الله فِي قُلُوبهم من الْغنى) النَّفْسِيّ (وَالْخَيْر) الْجبلي الدَّاعِي إِلَى الصَّبْر وَالتَّعَفُّف عَن المسئلة والشره (مِنْهُم عَمْرو بن ثَعْلَب) بِفَتْح الْمُثَنَّاة وَسُكُون الْمُعْجَمَة وَكسر اللَّام النمري محركة وَهَذِه منقبة شريفة لَهُ (خَ عَن عَمْرو بن تغلب) قَالَ أَتَى النَّبِي بِمَال فَأعْطى رجَالًا وَترك رجَالًا ثمَّ خطب فَذكره
(أما بعد فَمَا بَال أَقوام) اسْتِفْهَام إنكاري إبطالي أَي مَا حَالهم وهم أهل بَرِيرَة أَرَادَت عَائِشَة شراءها وعتقها فشرطوا الْوَلَاء لَهُم فَخَطب فنبه على تقبيح فعلهم حَيْثُ (يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله) أَي فِي حكمه الَّذِي كتبه على عبَادَة أَو فِي شَرعه (مَا كَانَ من شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله) حكمه الَّذِي يتعبد بِهِ عباد من كتاب أَو سنة أَو إِجْمَاع (فَهُوَ بَاطِل وَإِن كَانَ) الْمَشْرُوط (مائَة شَرط) مُبَالغَة وتأكيد لأنّ عُمُوم مَا كَانَ من شَرط دلّ على بطلَان جَمِيع الشُّرُوط وَإِن زَادَت على الْمِائَة (قَضَاء الله) حكمه (أَحَق) يَعْنِي هُوَ الْحق الَّذِي يجب الْعَمَل بِهِ

1 / 232