303

Taysir

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد

Investigator

زهير الشاويش

Publisher

المكتب الاسلامي،بيروت

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م

Publisher Location

دمشق

﴿الْوَادِ الْمُقَدَّسِ﴾ و﴿الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ﴾، ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى﴾ هناك. وهذا ظاهر لا يخفى على أحد ممن يقول بفحوى الخطاب وتنبيهه، وهم الجمهور والأئمة الأربعة وأتباعهم ولهذا لم يوجبوا على من نذر أن يسافر إلى أثر نبي من الأنبياء قبورهم أو غير قبورهم الوفاء بذلك، بل لو سافر إلى مسجد قباء من بلد بعيد لم يكن هذا مشروعًا باتفاق الأئمة الأربعة، مع أن النبي ﷺ كان يأتيه كل سبت راكبًا وماشيًا، وإن كان في وجوب الوفاء بنذر إتيانه خلاف والجمهور على أنه لا يجب. وقد صرح مالك وغيره بأن من نذر السفر إلى المدينة النبوية إن كان مقصوده الصلاة في مسجد النبي ﷺ وفَّى بنذره، وإن كان مقصوه مجرد زيارة القبر من غير صلاة في المسجد لم يف بنذره. قال: لأن النبي ﷺ قال: "لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد" ١. ذكره إسماعيل ابن إسحاق في "المبسوط" ومعناه في "المدونة" و"الجلاب" وغيرهما من كتب أصحاب مالك. وبالجملة فقد تنازع العلماء في جواز شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة، فالجمهور على المنع، وطائفة من المتأخرين على الجواز، فاستحباب شد الرحال إلى القبور والمشاهد والتقرب به إلى الله كما ظنه السبكي وغيره، قول مبتدع مخالف للإجماع قبله، والأحاديث التي احتج بها كحديث: "من زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي"، ونحوها لا يصح منها شيء عن رسول الله ﷺ ولا عن أحد من أصحابه البتة، بل هي ما بين ضعيف وموضوع، أو كلها موضوعة كما قد بين عِلَلَها شيخ الإسلام وغيره. وكثير منها لا يدل على محل النّزاع إذ ليس فيه إلا مطلق الزيارة. وذلك لا ينكره شيخ الإسلام ولا غيره من العلماء، لأنه

١ النسائي: الجمعة (١٤٣٠)، وأحمد (٦/٧)، ومالك: النداء للصلاة (٢٤٣) .

1 / 305