بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَاسِعِ عَطَاؤُهُ، الْوَاقِعِ قَضَاؤُهُ.
يُحِبُّ مَعَالِيَ الأَخْلاقِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا، وَيَحْمَدُ مَصَانِعَ الْمَعْرُوفِ وَيُبْغِضُ خِلائَهَا.
مَنْ أَيْقَنَ مِنْهُ بِالْخَلَفِ لَمْ يَخْشَ الضَّيْعَةَ وَلَمْ يَخَفْ.
أَحْمَدُهُ عَلَى حَمْدِهِ بِالإِنْفَاقِ، وَهُوَ الْمُعْطِي، وَأَشْكُرُهُ عَلَى عَوْدِهِ بِالإِرْفَاقِ غَيْرَ مُبْطِي.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةَ مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ بِالْغِنَى فَابْتَهَلَ إِلَيْهِ وَضَرَعَ، وَعَرَفَ نَفْسَهُ بِالْفَاقَةِ فَاسْتَكَانَ وَخَضَعَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ، وَأَعَوْدَ بِالْمِيرِ مِنَ السَّنَةِ الْمُخْضَلَةِ.
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَشَرَفِهِ وَحَمْدِهِ.
وَبَعْدُ. . . فَقَدْ تَكَرَّرَ السُّؤَالُ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعَوَامِّ فِي عِدَّةٍ مِنَ الأَعْوَامِ عَنْ أَكْلِ الدَّجَاجِ وَالْحُبُوبِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، هَلْ هُوَ مُبَاحٌ أَمْ مُحَرَّمٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ؟ .
فَأَجَبْتُ: بِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُبَاحَاتِ، وَإِنِ اقْتُرِنَ بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ فَهُوَ الطَّاعَاتُ.
فَذُكِرَ لِي أَنَّ بَعْضَ الْعَصْرِيِّينَ أَفْتَى بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ فِي هَذَا الْيَوْمِ، وَأَنَّهُ لا يُسْتَحَبُّ فِيهِ شَيْءٌ غَيْرُ الصَّوْمِ.
فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ فَتَاوَى الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ تَيْمِيَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهَذَا الْمَعْنَى الْمَسْئُولِ عَنْهُ عَلَى التَّعْيِينِ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سُئِلَ عَنْ أَشْيَاءٍ تَتَعَلَّقُ بِيَوْمِ عَاشُورَاءَ.
وَمِنَ الْمَسْئُولِ عَنْهُ: ذَبْحُ الدَّجَاجِ، وَطَبْخُ الْحُبُوبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ؟ فَأَجَابَ: «لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ سُنَّةً فِي هَذَا الْيَوْمِ بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ، لَمْ يُشِرْ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلا فَعَلَهُ هُوَ وَلا أَصْحَابُهُ» .
ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ الآتِي وَضَعَّفَهُ كَمَا سَيَأْتِي.
ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْسِنْ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الإِسْلامِ وَلا رَوَى أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ مَا فِيهِ اسْتِحْبَابُ الاغْتِسَالِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَلا الْكُحْلِ، وَالْخِضَابِ، وَتَوْسِيعِ النَّفَقَةِ، وَلا الصَّلاةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلا إِحْيَاءِ لَيْلَةِ عَاشُورَاءَ، وَلا أَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْحَدِيثُ، وَلا ذَكَرُوا فِي ذَلِكَ سُنَّةً عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
وَأَعْلَى مَا بَلَغَنِي فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ»، قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ: «جَرَّبْنَاهُ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً فَوَجَدْنَاهُ حَقًا»، ثُمَّ قَالَ: وَابْنُ الْمُنْتَشِرِ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي مَدَائِنِ الإِسْلامِ مَدِينَةٌ أَكْثَرُ كَذِبًا مِنَ الْكُوفَةِ، وَفِيهَا الطَّائِفَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ: الرَّافِضَةُ أَصْحَابُ الْمُخْتَارِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَالنَّاصِبَةُ أَصْحَابُ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، وَكِلاهُمَا ثَقَفِيٌّ، وَهُمَا اللَّذَانِ قَالَ فِيهِمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ» .
ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَلَعَلَّ هَذَا قَدْ سَمِعَهُ مِنْ شِيعَةِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ أَتْبَاعِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: جَرَّبْنَاهُ سِتِّينَ سَنَةً فَوَجَدْنَاهُ حَقًا، فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا وَسَّعَ عَلَى عَبْدٍ رِزْقَهُ طَوَّلَ عُمْرَهُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ أَنَّ سَبَبَ التَّوْسِيعِ مَا كَانَ فَعَلَهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، بَلْ هَذَا قَوْلٌ بِلا عِلْمٌ، وَظَنٌّ مُخْطِئٌ، وَالظَّنُّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا.
وَقَدْ رَوَى عَنِ الرَّافِضَةِ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ الْمَأْتَمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ: مَنْ يُوَسِّعُ اللَّهُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا يُوَسِّعُ عَلَى مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، إِلَى آخِرِ كَلامِهِمْ.
وَلَقَدْ تَعَجَّبْتُ مِنْ وُقُوعِ هَذَا الْكَلامِ مِنْ هَذَا الإِمَامِ الَّذِي يَقُولُ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ أَحَاطَ بِالسُّنَّةِ عِلْمًا وَخِبْرَةً.
فَأَمَّا قَوْلُهُ: «أَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِبَّ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الإِسْلامِ تَوْسِيعَ النَّفَقَةِ عَلَى الأَهْلِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ»، فَلَيْسَ كَذَلِكَ.
فَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ.
وَابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ.
وَأَبُو الزُّبَيْرِ.
وَشُعْبَةُ.
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ.
وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ.
١ - كَمَا أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُمَرَ الدِّمَشْقِيُّ مُشَافَهَةً بِهَا، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ، أنا الْعَلامَةُ أَبُو الْيَمَنِ زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكِنْدِيُّ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَبْهَانَ الْغَنَوِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنِي أَبِي طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ نَبَاتَةَ، قَالَ: «التَّوْسِعَةُ فِي عَاشُورَاءَ عَلَى الْعِيَالِ سُنَّةٌ غَيْرُ مَجْهُولَةٍ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ أَعْلَى مَا بَلَغَهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الْمُنْتَشِرِ، فَقَدْ أَنْصَفَ مَنْ وَقَفَ عِنْدَمَا بَلَغَهُ، وَلَكِنْ لا يَنْبَغِي لَمِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ أَنْ يَنْفِيَ وَجُودَ مَا لَمْ يَبْلَغْهُ كَمَا فَعَلَ فِي أَوَّلِ كَلامِهِ، وَمَا لَمْ يَبْلُغْهُ فَهُوَ أَوْلَى وَأَعْلَى مِمَّا بَلَغَهُ. فَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ مَرْفُوعَةٌ، بَعْضُهَا صَحِيحٌ، أَوْ حَسَنٌ، وَفِي الْبَابِ: قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَالْمَرْفُوعُ وَالْمَوْقُوفُ أَعْلَى مِنَ الْمَقْطُوعِ الَّذِي ذَكَرَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَابْنُ الْمُنْتَشِرِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، ثُمَّ أَخَذَ يَذُمُّهَا بِكَثْرَةِ الْكَذِبِ، وَأَنَّ فِيهَا الرَّافِضَةُ، وَالنَّاصِبَةُ. فَكَلامٌ عَجِيبٌ. أَيَرُدُّ كَلامَ رَجُلٍ ثِقَةٍ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ؟ وَإِنْ كَانَ فِيهَا الرَّافِضَةُ، وَالنَّاصِبَةُ؟ فَفِيهَا أَيْضًا الْفُقَهَاءُ الْمَرْضِيُّونَ أَصْحَابُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: كَإِبْرَاهِيمَ النَّخْعِيِّ، وَالأَسْوَدِ، وَالأَعْمَشِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الأَئِمَّةِ. . . . . وَلَوْ تَرَكْنَا حَدِيثَ أَهْلِ الْكُوفَةِ لَسَقَطَ كَثِيرٌ مُنَ السُّنَنِ الصَّحِيحَةِ. وَقَوْلُهُ: فَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْ شِيعَةِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ. فَهَذَا هُوَ الَّذِي هُوَ قَوْلٌ بِلا عِلْمٌ، وَظَنُّ مُخْطِئٍ، وَلَيْسَ هَذَا بِأَوْلَى مِنْ قَوْلِنَا، لَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنَ الثِّقَاتِ الْمَأْمُونِينَ الَّذِينَ سَمِعَ مِنْهُمُ بِالْكُوفَةِ: كَمَسْرُوقِ بْنِ الأَجْدَعِ، وَعَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، أَوْ سَمِعَهُ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ: كَعَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَرِوَايَتُهُ عَنْهَا فِي الصَّحِيحِ، وَهُوَ ثِقَةٌ احْتَجَّ بِهِ الأَئِمَّةُ السِّتَّةُ، وَتَبِعَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «جَرَّبْنَاهُ سِتِّينَ سَنَةً، فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا وَسَّعَ عَلَى عَبْدٍ طَوَّلَ عُمْرَهُ» . لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ إِنَّ سَبَبَهُ مَا فَعَلَهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَهَذَا لَوْ لَمْ يَرِدْ عَلَى الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ لَكَانَ أَمْرًا مَظْنُونًا يَحْتَمِلُ الْوُقُوعُ وَلَكِنْ لَمَّا وَرَدَ عَنِ الصَّادِقِ تَبَيَّنَ أَنَّ سَبَبَ التَّوَسُّعِ مَا فَعَلَهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَكَانَ هَذَا ظَنًا مُصِيبًا مُسْتَنِدًا إِلَى أَمْرٍ وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَقَدْ رَوَى عَنِ الرَّافِضَةِ: وَمَنْ يُوَسِّعُ اللَّهُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَهَذَا لا يُحْسَنُ الاعْتِرَاضُ بِهِ، لأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيثِ وَلا فِي قَوْلِ ابْنِ الْمُنْتَشِرِ أَنَّهُ: «لا يُوَسِّعُ إِلا عَلَى مَنْ وَسَّعَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ» . وَإِنَّمَا هُمَا إِثْبَاتُ التَّوْسِيعِ لِمَنْ وَسَّعَ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَقَطْ، وَقَدْ يُوَسِّعُ عَلَى غَيْرِهِ لأَمْرٍ آخَرِ، أَوْ مَكْرًا، أَوِ اسْتِدْرَاجًا، أَوْ لِيُجْزَى بِمَا عَمِلَ فِي الدُّنْيَا وَلا يُؤَخَّرُ لَهُ إِلَى آخِرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْ هُنَا نُورِدُ الأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي اسْتِحْبَابِ التَّوَسُّعِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ طَرِيقِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ. وَأَبُو هُرَيْرَةَ. وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
حَدِيثُ جَابِرٍ ﵁ أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ:
٢ - فَأَخْبَرَنِي بِهِ: أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَكْرِيُّ مُشَافَهَةً، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ القَسْطَلانِيِّ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ قَاضِي الْجَمَاعَةِ: أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ اللّخْمِيُّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهُوبٍ، عَنِ الْحَافِظِ أَبِي عُمَرَ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النُّمَرِيِّ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الحكم، قَالُوا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يَقُولُ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ» قَالَ جَابِرٌ: جَرَّبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ، وَقَالَ شُعْبَةُ مِثْلَهُ. رَوَاهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الاسْتِذْكَارِ بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَرِجَالُهُ كَمَا تَرَى رِجَالُ الصَّحِيحِ، لَيْسَ فِيهِ مَحَلُّ نَظَرٍ غَيْرُ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ مُعَنْعَنًا. وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا، رِوَايَةَ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ بَعْضُهَا مُعَنْعَنْ، وَبَعْضُهَا يُحَدِّثُنَا، أَوْ أَخْبَرَنَا. وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَلَمْ يُخْرِجْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ إِلا حَدِيثَيْنِ: حَدِيثٌ فِي الْمُخَابَرَةِ، وَحَدِيثٌ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بَدْوِ الصَّلاحِ. وَكُلا مِنَ الْحَدِيثَيْنِ فِيهِ أَبُو الزُّبَيْرِ مَقْرُونٌ بِغَيْرِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ الْبُخَارِيُّ حَدِيثًا آخَرَ لَمْ يَقْرِنْ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَهُ تَعْلِيقًا مَجْزُومًا بِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ يَعْنِي جَابِرًا. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَبِي الزُّبَيْرِ، فَضَعَفَّهُ قَوْمٌ مُطْلَقًا، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالنِّسَائِيُّ، وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ وَالتَّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنِ عَدِّيٍّ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَخْلِفُ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ. وَأَمَّا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَقْبَلُ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ جَابِرٍ مَا صَرَّحَ فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ، أَوْ مَا كَانَ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُعَنْعَنًا، فَإِنَّ اللَّيْثَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إِلا مَا سَمِعَهُ مِنْ جَابِرٍ. وَكَذَلِكَ فَعَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانِ أَيْضًا. وَمَا لَنَا وَتَعَنُّتُ ابْنِ حَزْمٍ فِي حَدِيثِ فَضَائِلِ الأَعْمَالِ، وَهُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الأَئِمَّةِ فِي الأَحْكَامِ، فَضْلا عَنِ الْفَضَائِلِ. وَأَقَلُّ أَحْوَالِ هَذَا الطَّرِيقِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ فِي الاحْتِجَاجِ بِهِ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ إِسْنَادِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ: فَشَيْخُهُ الأَوَّلُ هُوَ: أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّمِيَمِيُّ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ ثِقَةً فَاضِلا، وَشَيْخُهُ الثَّانِي: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْقَرَاهَنْدِ. قَالَ الْحُمَيْدِيِّ فِي تَارِيخِ الأَنْدَلُسِ: كَانَ مِنْ أَضْبَطِ النَّاسِ لِكُتُبِهِ وَأَفْهَمِهِمْ لِمَعَانِي الرِّوَايَةِ، وَلِيَ الْقَضَاءَ بِمَدِينَةِ سَالِمٍ. وَشَيْخُهُ الثَّالِثُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ الأُمَوِيُّ الْقُرْطُبِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ حَزْمٍ فِيمَا نَقَلَهُ الْحُمَيْدِيُّ. وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَهُوَ ابْنُ الأَحْمَرِ أَحَدُ رَوَاةُ السُّنَنِ لِلْنِسَائِيِّ عَنْهُ. وَثَّقَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ أَبُو خَلِيفَةَ، فَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَاحْتَجَّ بِهِ هُوَ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيِّ: «احْتَرَقَتْ كُتُبُهُ، مِنْهُمْ مَنْ وَثَقَّهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ، وَهُوَ إِلَى التَّوْثِيقِ أَقْرَبُ» . قَالَ: وَالْمُتَأَخِّرُونَ أَخْرَجُوهُ فِي الصَّحِيحِ، وَنَسَبَهُ السُّلَيْمَانِيُّ إِلَى الرَّفْضِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. أَنْكَرَهُ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ. وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّيَالِسِيُّ احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. وَشُعْبَةُ. ذِكْرُ طَرِيقٍ آخَرِ لِلْحَدِيثِ وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ أَبُو الزُّبَيْرِ بَلْ قَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ.
٣ - أَخْبَرَنِي بِهِ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْهَادِي فِيمَا أَذِنَ لِي مُشَافَهَةً أَنْ أَرْوِيَهُ عَنْهُ، قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، أنا. . . . ابْنُ مَحْمُودٍ الثَّقَفِيُّ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ الْهَجْمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ السَّامِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَمْرٍو الْغَفَّارِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهَ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سنَتِهِ» . وَمُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ السَّامِيُّ بِالْمُهْمَلَةِ هُوَ الْكُدَيْمِيُّ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الغِفَارِيُّ ضَعَّفَهُمَا أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ. نَعَمْ إِسْمَاعِيلُ الْخَطْبِيُّ وَثَّقَ الْكُدَيْمِيَّ. ذِكْرُ بَعْضِ الْمُتَابَعَاتِ لِلْرَاوِي: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَجْمِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ الْكُدَيْمِيِّ أَيْضًا: أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ. وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَمَرِيُّ. أَمَّا حَدِيثُ الْعُمَرِيُّ: فَقَرَأْتُهُ عَلَى سِتِّ الْعَرَبِ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، أنا الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ سَمَاعًا عَلَيْهِ، أنا أَبُو الْعَلاءِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَرَّاقُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْمُنْكَدِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مِثْلَهُ سَوَاءً. وَأَمَّا حَدِيثُ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ: أَخْبَرَنِي بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَنْبَلِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِالْقَاهِرَةِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّعْرِيُّ كِتَابَهُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، أَوْ زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، وَقَالَ: وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ
٤ - فَأَخْبَرَنِي بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِيسَى الأَيُّوبِيُّ مُشَافَهَةً، أنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْحِرَّانِيُّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ رَوْحٍ، وَعَفِيفَةَ بِنْتَ أَحْمَدَ وَاللَّفْظُ لَهَا، قَالا: أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُوزْدَانِيَّةُ، قَالَتْ: أنا أَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَيْذَةَ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْعَسْكَرِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْبَزَّازُ، ثنا الْهَيْصَمُ بْنُ الشَّدَّاخِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، لَمْ يَزَلْ فِي سِعَةٍ سَائِرَ سَنَتِهِ» . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ هَكَذَا فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ. وَقَدْ تَابَعَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ عَلِيَّ بْنَ مُهَاجِرٍ الْمِصْرِيَّ
٥ - أَخْبَرَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَنْبَلِيُّ، بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ، مِنْ كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيِّ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّعْرِيُّ إِذْنًا، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، أَوْ زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ البَّزَارُ بِبَغْدَادَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَذَالٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُهَاجِرٍ الْمِصْرِيُّ، ثنا هَيْصَمٌ الْجُرْجَانِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ رَجَاءَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثنا هَيْصَمُ بْنُ شَدَّاخَ الوَّرَاقُ. ح قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ حَشِيشَ التَّمِيمِيُّ الْمُقْرِئُ بِالْكُوفَةِ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَاصِمٍ الْجُرْجَانِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ رَجَاءَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثنا هَيْصَمُ بْنُ شَدَّاخَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ سَنَتِهِ»، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ هَكَذَا فِي شُعَبِ الإِيمَانِ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ هَيْصَمٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَكَذَلِكَ أَبُو حَاتِمٍ حِبَّانُ فِي تَارِيخِ الضُّعَفَاءِ فِي تَرْجَمَةِ هَيْصَمَ، وَقَالَ: يَرْوِي الطَّامَّاتِ غَيْرَ مَحْفُوظَةٍ
ذِكْرُ طَرِيقٍ آخَرِ لِلْحَدِيثِ وَلِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ طَرِيقٌ آخَرُ
٦ - رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي جُزْءٍ لَهُ فِي فَضْلِ عَاشُورَاءَ، مِنْ رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ الْجُرْجَانِيُّ، عَنْ أَبِي طِيبَةَ، عَنْ كَرْزِ بْنِ وَبْرَةَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى عِيَالِهِ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ السَّنَّةِ الْمُقْبِلَةِ، وَأَنَا الضَّامِنُ لَهُ، وَكُلُّ دِرْهَمٍ سَيُنْفَقُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُرِيدُ بِهِ مَا عِنْدَ اللَّهِ، يُحْسَبُ بِسَبْعِ مِائَةِ أَلْفٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ أَكْثَرُ ثَوَابًا مَنْ فِي السِّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمَنْ تَصَدَّقَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَكَأَنَّمَا تَصَدَّقَ عَلَى ذُرِّيَةِ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: غَرِيبٌ جِدًّا. قُلْتُ: وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَأَحْسَبُ آفَتَهُ مِنْ مُتَأَخِّرِي رُوَاتِهِ. فَإِنَّ الرَّبَيعَ بْنَ خَيْثَمٍ ثِقَةٌ لا يُسْأَلُ عَنْهُ كَمَا قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ. كَرْزُ بْنُ وَبْرَةَ أَحَدُ الزُّهَادِ الْعُبَّادِ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَأَبُو طِيبَةَ اسْمُهُ عِيسَى بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دِينَارٍ الدَّارَمِيُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ: يُخْطِئُ. وَقَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: كَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الزُّهَادِ. نَعَمْ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَأَمَّا سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ الْجُرْجَانِيُّ وَلَقَبُهُ سَعْدَوَيْهِ، قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: لا يَصِحُّ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَجُلٌ صَالِحٌ لَهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ مَا لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. تَنْبِيهٌ وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ ابْنَ مَسْعُودٍ فِي التَّوْسِعَةِ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَلا تَغْتَرُ بِذِكْرِ أَبِي السَّعَادَاتِ الْمُبَارَكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الأَثِيرِ الْجِزْرِيِّ لَهُ فِي جَامِعِ الأُصُولِ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَهْمٌ عَجِيبٌ. وَهَذَا الْكِتَابُ كَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُجَرَّدٍ، فَإِنَّ فِيهِ عِدَّةَ أَوْهَامٍ. وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَخَاهُ أَبَا الْفَتْحِ نَصْرَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الأَثِيرِ الْجِزْرِيَّ ذَكَرَهُ فِي اخْتِصَارِهِ لِجَامِعِ الأُصُولِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ وَزَادَ مِنْ عِنْدِهِ أَنْ عَلَّمَ عَلَيْهِ صُورَةَ خ م يَعْنِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ مِنْهُمَا جَمِيعًا. وَالْحَدِيثُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ الْبَتَّةَ
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ
٧ - فَأَخْبَرَنِي بِهِ: أَبُو الْحَرَمِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلانِسِيُّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ فِيمَا أَذِنَ لِي أَنْ أَرْوِيَهُ عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الشِّعْرِيُّ، أنا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ الشِّحَامِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَوِ الْفَضْلُ الْعَرَاوِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ، أنا أَبُو سَعِيدٍ الْمَالِينِيُّ، أنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، ثنا مَعْمَرُ بْنُ سَهْلٍ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ يَعْلِي بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «مَنْ أَوْسَعَ عَلَى عِيَالِهِ وَأَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ» . أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ هَكَذَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَدِيٍّ. وَأَوْرَدَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ الطَّاجِيِّ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالْعِجْلِيُّ، وَالنِّسَائِيُّ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ شُعْبَةُ، فَقَالَ: كَانَ كَأَخِيرِ الرِّجَالِ. وَأَمَّا الْعُقَيْلِيُّ فَأَعَلَّ الْحَدِيثَ بِسُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَأَفْرَدَهُ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي الضُّعَفَاءِ، وَقَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي، ثنا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ. . . .، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: سُلَيْمَانُ مَجْهُولٌ، وَالْحَدِيثُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ. قَالَ: وَلا يَثْبُتُ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي حَدِيثٍ مُسْنَدٍ، انْتَهَى. قُلْتُ: سُلَيْمَانُ هَذَا رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَصُهَيْبُ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ: أَدْرَكَ الْمُهَاجِرِينَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ، فَيَعْتَبِرُ حَدِيثَهُ. وَذِكْرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِ بَيَانِ الْوَهْمِ وَالإِبْهَامِ، أَنَّ الرَّاوِي إِذَا وُثِّقَ زَالَتْ جَهَالَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلا وَاحِدٌ، وَقَدْ رَوَى لَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: أَنَّهُ رَأَى سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَخَذَ رَجُلا قَصِيرًا فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ. . . . . . الْحَدِيثُ. وَسَكَتَ عَلَيْهِ فَهُوَ عَنْهُ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ. وَلَكِنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ نُصَيْرٍ ضَعَّفَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَالْبُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالْعِجْليُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنِّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. نَعَمْ قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: صَدُوقٌ، وَلَكِنَّهُمْ أَخَذُوا عَلَيْهِ أَشْيَاءَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمِيزَانِ: لَمْ يَأْتِ بِمَتْنٍ مُنْكَرٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَعَلَى هَذَا فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ عَلَى رَأْيِ ابْنِ حِبَّانَ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْحَجَّاجَ بْنَ نُصَيْرٍ، وَمُحَمَّدَ بْنَ ذَكْوَانَ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الثِّقَاتِ، وَبَاقِي رِجَالِهِ مَعْرُوفُونَ بِالثِّقَةِ
ذِكْرُ طَرِيقٍ آخَرِ لِلْحَدِيثِ وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ طَرِيقٌ آخَرُ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَكِنَّهُ مُنْكَرٌ
٨ - أَخْبَرَنِي بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَارِضِ، بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمُنَعْمِ الْحَرَّانِيُّ، أَنْبَأَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَوْزِيِّ، ثنا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ مِنْ لَفْظِهِ وَكِتَابِهِ مَرَّتَيْنِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ قُرَيْشٍ، أنا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ الْعُشَارِيُّ. ح وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ: وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيِّ، عَنْ أَبِي طَالِبٍ الْعُشَارِيِّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْبَرْسَرِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّجَّادُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، ثنا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ ﷿ افْتَرَضَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ صَوْمَ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَصُومُوهُ، وَوَسِّعُوا عَلَى أَهَالِيكُمْ فِيهِ، فَإِنَّهُ مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ مَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ فَصُومُوهُ فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي تَابَ اللَّهُ عَلَى آدَمَ» فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلا نَحْوَ وَرَقَةٍ وَفِيهِ «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَمْرَضْ مَرَضًا إِلا مَرَضَ الْمَوْتِ، وَمَنِ اكْتَحَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ تَرْمَدْ عَيْنَيْهِ تِلْكَ السَّنَةِ كُلِّهَا» الْحَدِيثُ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ بْنِ نَاصِرٍ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ عَزِيزٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَقَدْ أُخْرِجَ عَنْ أَكْثَرِهِمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ. قَالَ: وَهَذَا أَحْسَنُ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي يَرْوَيَهُ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ الْمُقْرِئُ فِي فَضَائِلِ عَاشُورَاءَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُجَيْحٍ، عَنْ مُجَاهِرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَمَا سَمِعْنَا بِإِسْنَادٍ أَصَحَّ مِنْ هَذَا الإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ. وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُعْطِيَ ثَوَابُ مَنْ صَدَّقَ وَلَمْ يُكَذِّبْ. وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي فَضَائِلِ الشُّهُورِ، عَنِ ابْنِ نَاصِرٍ أَيْضًا، أَنَّهُ قَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ انْتَهَى. هَكَذَا أَقْتَصِرُ عَلَى حِكَايَةِ كَلامِ ابْنِ نَاصِرٍ فِي هَذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا فِي الْمَوْضُوعَاتِ، فَرَوَاهُ بِسَنَدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لا يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي وَضْعِهِ، وَلَقَدْ أَبْدَعَ مَنْ وَضَعَهُ، وَكَشَفَ الْقِنَاعَ وَلَمْ يَسْتَحِي، وَأَتَى فِيهِ بِالْمُسْتَحِيلِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَأَوَّلُ يَوْمٍ خَلَقَ اللَّهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. وَهَذَا تَغْفِيلٌ مِنْ وَاضِعِهِ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُسَمَّى عَاشُورَاءُ إِذَا سَبَقَهُ تِسْعَةٌ، وَقَالَ فِيهِ: خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الأَحَدِ. . .»، وَفِيهِ مِنَ التَّحْرِيفِ فِي مَقَادِيرِ الثَّوَابِ الَّذِي لا يَلِيقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ. قَالَ: «وَكَيْفَ يُحْسِنُ أَنْ يَصُومَ الرَّجُلُ يَوْمًا فَيُعْطَى ثَوَابُ مَنْ حَجَّ وَاعْتَمَرَ وَقُتِلَ شَهِيدًا، وَهَذَا مُخَالِفٌ لأُصُولِ الشَّرْعِ» . قَالَ: وَلَوْ نَاقَشْنَاهُ عَلَى شَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ لَطَالَ، وَمَا أَظُنُّهُ إِلا دُسَّ فِي أَحَادِيثِ الثِّقَاتِ. وَكَانَ مَعَ الَّذِي رَوَاهُ نَوْعُ تَغْفِيلٍ، وَلا أُحِبُّ ذَلِكَ إِلا فِي الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنْ كَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَدْ قَالَ فِي ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَاسْمُ أَبِي الزِّنَادِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكَوَانَ، وَاسْمُ ابْنِهِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ. كَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ لا يُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ لا يُحْتَجُّ بِهِ، فَلَعَلَّ بَعْضَ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالإِلْحَادِ قَدْ أَدْخَلَهُ فِي حَدِيثِهِ، انْتَهَى كَلامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ تَيْمِيَةَ فِي الْفَتْوَى الَّتِي تَقَدَّمَ نَقْلُ بَعْضِهَا " وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ فَإِنَّهُ لا يَسْتَرِيبُ مِنْ تَدَبُّرِ هَذَا الْكَلامِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ هَذَا لا يَجُوزُ أَنْ يَقُولُهُ مُؤْمِنٌ فَضْلا عَنْ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَإِنَّ فِيهِ مِنَ الْمُجَازَفَاتِ وَالْفِرْيَةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَخَلْقِهِ مَا لا يَجُوزُ أَنْ يُذْكَرَ إِلا عَلَى وَجْهِ الإِنْكَارِ. وَذَكَرَ كَلامًا طَوِيلا، ثُمَّ قَالَ: وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَاصِرٍ قَالَهُ بِنَاءً عَلَى أَنْ رَأَى ظَاهِرَ حَالِ رِجَالِهِ السَّلامَةَ عِنْدَهُ، وَلَكِنْ هُوَ مِنْ رِوَايَةِ الشُّيُوخِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفَةِ، وَلا هُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ رِوَايَةِ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَأَكْثَرُ الشُّيُوخِ الْمُتَأَخِّرِينَ لا يُحْتَجُّ بِمُجَرَّدِ رِوَايَتِهِمْ، لَكِنَّهُمْ لا يَضْبِطُونَ حَدِيثَهُمْ، حِفْظًا وَلا كِتَابًا، وَلَكِنْ يُؤْتَى الرَّجُلُ بِجُزْءٍ فِيهِ سَمَاعِهِ فَيَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَالْعُمْرَةُ عَلَى مَنْ قَرَأَهُ، وَعَلَى سَمَاعِهِ الْمَوْجُودِ بِخَطِّ مَنْ تُعْرَفُ ثِقَتُهُ، فَإِذَا زِيدَ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ لَمْ يَعْرِفْهَا كَمَا فَعَلَ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ بِرِجَالٍ مِنَ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَدْرَكَهُمُ ابْنُ نَاصِرٍ انْتَهَى كَلامُهُ. وَالْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَابْنُ تَيْمِيَةَ مِنْ مَوْضُوعٍ لِمَا فِيهِ مِنَ الرَّكَةِ وَالْمُجَازَفَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ﵁ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ:
٩ - فَأَخْبَرَنِي بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: كَتَبَ لِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحِيمِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُمْ فِي إِذْنِهِ وَكِتَابِهِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَوْ زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، ثنا خَالِدُ بْنُ خَرَّاسٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نافع، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَنَتِهِ» . رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَافِظُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ مِينَاءَ ٢٦، أَنَّهُ حَدَّثَهُ الثَّقَةُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، فَذَكْرُهُ. لا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ. وَأَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ مِينَاءَ، رَوَى عَنْهُ أَيْضًا عُمَرُ بْنُ بَانِي الْعُمَرِيُّ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ: يَرْوِي الْمَقَاطِيعَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بَانِي هُوَ الصَّائِغُ الْمَدَنِي، احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ النِّسَائِيِّ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ
ذِكْرُ طَرِيقٍ آخَرِ لِلْحَدِيثِ وَلِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ طَرِيقٌ أُخْرَى مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ: قَرَأْتُ بِخَطِّ الْحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ بْنِ رَافِعٍ الْمَشْكِيِّ، وَكَتَبَ إِلَيَّ مِنْ ثَغْرِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الْفُرَاتِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ ظَفَانِ بْنِ أَبِي الْوَفَاءِ، أنا نَاصِرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَسَنِيُّ إِجَازَةً، أنا يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَرَجِ الْخَشَّابِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامَةَ الْقُضَاعِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي سَعِيدِ بْنِ الأَعْرَابِيِّ بِمَكَّةَ، وَأَنَا أَسْمَعُ، حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ كَلْحَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجَعْفَرِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الْجَهْنِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. بِنَحْوِهِ. وَلَمْ يَقُلْ: سَنَتِهِ. وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجَعْفَرِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ أَيْضًا مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قَالَهُ أَبُو زَرْعَةَ
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ ﵄ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ
١٠ - فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الأَفْرَادِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ سَهْلٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ خُرَّةَ الدَّبَّاغُ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ» . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مُنْكَرٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، وَإِنَّمَا يُرْوَى هَذَا مِنْ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، وَيَعْقُوبُ بْنُ خُرَّةَ ضَعِيفٌ
١١ - أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غُلامِ اللَّهِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عِمَادٍ، أنا يَحْيَى بْنُ ثَابِتِ بْنِ بُنْدَارَ، أنا أَبِي، أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ: «يَعْقُوبُ بْنُ خُرَّةَ الدَّبَّاغُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ فَارِسٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَزْهَرَ بْنِ سَعْدٍ السَّمَّانِ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَغَيْرِهِمَا، لَمْ يَكُنْ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ» ثنا عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَهَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ سَهْلٍ انْتَهَى
ذِكْرُ طَرِيقٍ آخَرِ لِلْحَدِيثِ وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ.
١٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الدَرْبَنْدِيُّ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَافِظُ بِبُخَارَى، أنا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي حَامِدٍ الْبَاهِلِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حُفَيْفِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ زَيْنٍ، أنا أَسْبَاطُ بْنُ الْيَسَعَ، أنا سَهْلُ بْنُ أَبِي عِيسَى بْنِ صَالِحٍ الْفَرَاهَانِيُّ الْمَرُوزِيُّ، أنا خَطَّابُ بْنُ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ أَبِيوَرْدَ، ثنا هِلالُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَانَ ذَا جِدَّةٍ وَمَيْسَرَةٍ فَوَسَّعَ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِلَى رَأْسِ السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ» . قَالَ الْخَطِيبُ: فِي إِسْنَادِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمَجَاهِيلَ، وَلا يَثْبُتَا عَنْ مَالِكٍ. هَذَا مَا وَقَعَ لَنَا مِنَ الأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ فِي الْبَابِ، وَأَصَحُّهَا حَدِيثُ جَابِرٍ مِنَ الطَّرِيقِ الأَوَّلِ، وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا لَهُ وَرَوَيْنَا عَنِ الْبَيْهَقِيِّ بِالإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ إِلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ بَعْدَ أَنْ رُوِيَ الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقِ الصَّحَابَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَالَ: «هَذِهِ الأَسَانِيدُ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةٌ فَهِي إِذَا ضُمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ أَحْدَثَتْ قَوَّةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ» انْتَهَى كَلامُهُ. هَذَا مَعَ قُوَّتِهِ لَمْ يَقَعْ لَهُ رِوَايَةُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ الَّتِي هِيَ أَصَحُّ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَمَعَ هَذَا فَقَدْ قَالَ: «إِنَّ مَجْمَوعَ الطُّرُقِ أَحْدَثَتْ لَهُ قُوَّةً» . ذِكْرُ الأَثَرِ الْمَوْقُوفِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ وَأَمَّا أَثَرُ عُمَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ:
١٣ - فَأَخْبَرَنِي أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَطِيبُ فِيمَا شَافَهَنِي بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، عَنْ كِتَابِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْقَسْطَلانِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُضَاءَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، ثنا ابْنُ وَضَّاحٍ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَابِدُ، عَنْ بُهْلُولِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ لَيْلَةَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ» . قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: جَرَّبْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا. وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، وَقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ثِقَتَانِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ صَدُوقٌ تَكَلَّمَ فِيهِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْعَابِدُ اسْمُهُ خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ أَهْلِ أَفْرِيقِيَّةَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَهُوَ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَغْرِبِ. وَبُهْلُولُ بْنُ رَاشِدٍ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ أَبُو زَرْعَةَ: ثِقَةٌ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَتْ لَهُ عِبَادَةٌ وَفَضْلٌ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَبَاقِيهِمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ. نَعَمْ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مِنْ عُمَرَ خِلافٌ. فَقَالَ أَحْمَدُ: رَآهُ وَسَمِعَ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يَصِحُّ لَهُ سَمَاعٌ مِنْهُ إِلا رُؤْيَةً. وَرِوَايَتُهُ عَنْهُ فِي السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ
ذِكْرُ قَوْلِ ابْنِ الْمُنْتَشِرِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ فَرَوَيْنَاهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ أَيْضًا:
١٤ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِالسَّنَدِ الْمُتَقَدِّمِ إِلَى الْبَيْهَقِيِّ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثنا شَاذَانُ، ثنا جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَزَالُوا فِي سِعَةٍ مِنْ رِزْقِهِمْ سَائِرَ سَنَتِهِمْ» وَرَوَيْنَا عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ بِالإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ إِلَيْهِ قَالَ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ» . قَالَ سُفْيَانُ: جَرَّبْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ.
١٥ - وَأَخْبَرَنَا بِذَلِكَ الْحَافِظُ أَبُو سَعِيدٍ الْعَلائِيُّ إِذْنًا مُشَافَهَةً، أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ نَعْمَةَ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْمُبَارَكِ بْنِ الْحَسَيْنِ الْمُطَرِّزِ، أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ نُعْمَانَ أَخْبَرَهُمْ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ الأَنْصَارِيُّ، أنا أَبُو عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنِ السَّمَّاكِ إِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سَلامٍ السَّوَّاقُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، ثنا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَنَتَهُ»
١٦ - وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَّهُ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ» . أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مُشَافَهَةً، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ أَبْنَاهُ، أنا سَعْدُ بْنُ المسني، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَكِّيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، أنا جَدِّي، فَذَكَرَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ جَعْفَرًا، وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ دَلَّسَهُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فَإِنَّ ابْنَ الْمُقْرِئِ أَوْرَدَهُ فِي جَامِعِ سُفْيَانَ فِي تَرْجَمَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدِ انْتَهَى الْكَلامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
١ - كَمَا أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُمَرَ الدِّمَشْقِيُّ مُشَافَهَةً بِهَا، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ، أنا الْعَلامَةُ أَبُو الْيَمَنِ زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكِنْدِيُّ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَبْهَانَ الْغَنَوِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنِي أَبِي طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ نَبَاتَةَ، قَالَ: «التَّوْسِعَةُ فِي عَاشُورَاءَ عَلَى الْعِيَالِ سُنَّةٌ غَيْرُ مَجْهُولَةٍ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ أَعْلَى مَا بَلَغَهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الْمُنْتَشِرِ، فَقَدْ أَنْصَفَ مَنْ وَقَفَ عِنْدَمَا بَلَغَهُ، وَلَكِنْ لا يَنْبَغِي لَمِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ أَنْ يَنْفِيَ وَجُودَ مَا لَمْ يَبْلَغْهُ كَمَا فَعَلَ فِي أَوَّلِ كَلامِهِ، وَمَا لَمْ يَبْلُغْهُ فَهُوَ أَوْلَى وَأَعْلَى مِمَّا بَلَغَهُ. فَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ مَرْفُوعَةٌ، بَعْضُهَا صَحِيحٌ، أَوْ حَسَنٌ، وَفِي الْبَابِ: قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَالْمَرْفُوعُ وَالْمَوْقُوفُ أَعْلَى مِنَ الْمَقْطُوعِ الَّذِي ذَكَرَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَابْنُ الْمُنْتَشِرِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، ثُمَّ أَخَذَ يَذُمُّهَا بِكَثْرَةِ الْكَذِبِ، وَأَنَّ فِيهَا الرَّافِضَةُ، وَالنَّاصِبَةُ. فَكَلامٌ عَجِيبٌ. أَيَرُدُّ كَلامَ رَجُلٍ ثِقَةٍ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ؟ وَإِنْ كَانَ فِيهَا الرَّافِضَةُ، وَالنَّاصِبَةُ؟ فَفِيهَا أَيْضًا الْفُقَهَاءُ الْمَرْضِيُّونَ أَصْحَابُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: كَإِبْرَاهِيمَ النَّخْعِيِّ، وَالأَسْوَدِ، وَالأَعْمَشِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الأَئِمَّةِ. . . . . وَلَوْ تَرَكْنَا حَدِيثَ أَهْلِ الْكُوفَةِ لَسَقَطَ كَثِيرٌ مُنَ السُّنَنِ الصَّحِيحَةِ. وَقَوْلُهُ: فَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْ شِيعَةِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ. فَهَذَا هُوَ الَّذِي هُوَ قَوْلٌ بِلا عِلْمٌ، وَظَنُّ مُخْطِئٍ، وَلَيْسَ هَذَا بِأَوْلَى مِنْ قَوْلِنَا، لَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنَ الثِّقَاتِ الْمَأْمُونِينَ الَّذِينَ سَمِعَ مِنْهُمُ بِالْكُوفَةِ: كَمَسْرُوقِ بْنِ الأَجْدَعِ، وَعَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، أَوْ سَمِعَهُ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ: كَعَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَرِوَايَتُهُ عَنْهَا فِي الصَّحِيحِ، وَهُوَ ثِقَةٌ احْتَجَّ بِهِ الأَئِمَّةُ السِّتَّةُ، وَتَبِعَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «جَرَّبْنَاهُ سِتِّينَ سَنَةً، فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا وَسَّعَ عَلَى عَبْدٍ طَوَّلَ عُمْرَهُ» . لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ إِنَّ سَبَبَهُ مَا فَعَلَهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَهَذَا لَوْ لَمْ يَرِدْ عَلَى الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ لَكَانَ أَمْرًا مَظْنُونًا يَحْتَمِلُ الْوُقُوعُ وَلَكِنْ لَمَّا وَرَدَ عَنِ الصَّادِقِ تَبَيَّنَ أَنَّ سَبَبَ التَّوَسُّعِ مَا فَعَلَهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَكَانَ هَذَا ظَنًا مُصِيبًا مُسْتَنِدًا إِلَى أَمْرٍ وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَقَدْ رَوَى عَنِ الرَّافِضَةِ: وَمَنْ يُوَسِّعُ اللَّهُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَهَذَا لا يُحْسَنُ الاعْتِرَاضُ بِهِ، لأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيثِ وَلا فِي قَوْلِ ابْنِ الْمُنْتَشِرِ أَنَّهُ: «لا يُوَسِّعُ إِلا عَلَى مَنْ وَسَّعَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ» . وَإِنَّمَا هُمَا إِثْبَاتُ التَّوْسِيعِ لِمَنْ وَسَّعَ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَقَطْ، وَقَدْ يُوَسِّعُ عَلَى غَيْرِهِ لأَمْرٍ آخَرِ، أَوْ مَكْرًا، أَوِ اسْتِدْرَاجًا، أَوْ لِيُجْزَى بِمَا عَمِلَ فِي الدُّنْيَا وَلا يُؤَخَّرُ لَهُ إِلَى آخِرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْ هُنَا نُورِدُ الأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي اسْتِحْبَابِ التَّوَسُّعِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ طَرِيقِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ. وَأَبُو هُرَيْرَةَ. وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
حَدِيثُ جَابِرٍ ﵁ أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ:
٢ - فَأَخْبَرَنِي بِهِ: أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَكْرِيُّ مُشَافَهَةً، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ القَسْطَلانِيِّ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ قَاضِي الْجَمَاعَةِ: أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ اللّخْمِيُّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهُوبٍ، عَنِ الْحَافِظِ أَبِي عُمَرَ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النُّمَرِيِّ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الحكم، قَالُوا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يَقُولُ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ» قَالَ جَابِرٌ: جَرَّبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ، وَقَالَ شُعْبَةُ مِثْلَهُ. رَوَاهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الاسْتِذْكَارِ بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَرِجَالُهُ كَمَا تَرَى رِجَالُ الصَّحِيحِ، لَيْسَ فِيهِ مَحَلُّ نَظَرٍ غَيْرُ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ مُعَنْعَنًا. وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا، رِوَايَةَ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ بَعْضُهَا مُعَنْعَنْ، وَبَعْضُهَا يُحَدِّثُنَا، أَوْ أَخْبَرَنَا. وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَلَمْ يُخْرِجْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ إِلا حَدِيثَيْنِ: حَدِيثٌ فِي الْمُخَابَرَةِ، وَحَدِيثٌ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بَدْوِ الصَّلاحِ. وَكُلا مِنَ الْحَدِيثَيْنِ فِيهِ أَبُو الزُّبَيْرِ مَقْرُونٌ بِغَيْرِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ الْبُخَارِيُّ حَدِيثًا آخَرَ لَمْ يَقْرِنْ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَهُ تَعْلِيقًا مَجْزُومًا بِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ يَعْنِي جَابِرًا. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَبِي الزُّبَيْرِ، فَضَعَفَّهُ قَوْمٌ مُطْلَقًا، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالنِّسَائِيُّ، وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ وَالتَّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنِ عَدِّيٍّ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَخْلِفُ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ. وَأَمَّا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَقْبَلُ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ جَابِرٍ مَا صَرَّحَ فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ، أَوْ مَا كَانَ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُعَنْعَنًا، فَإِنَّ اللَّيْثَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إِلا مَا سَمِعَهُ مِنْ جَابِرٍ. وَكَذَلِكَ فَعَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانِ أَيْضًا. وَمَا لَنَا وَتَعَنُّتُ ابْنِ حَزْمٍ فِي حَدِيثِ فَضَائِلِ الأَعْمَالِ، وَهُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الأَئِمَّةِ فِي الأَحْكَامِ، فَضْلا عَنِ الْفَضَائِلِ. وَأَقَلُّ أَحْوَالِ هَذَا الطَّرِيقِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ فِي الاحْتِجَاجِ بِهِ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ إِسْنَادِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ: فَشَيْخُهُ الأَوَّلُ هُوَ: أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّمِيَمِيُّ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ ثِقَةً فَاضِلا، وَشَيْخُهُ الثَّانِي: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْقَرَاهَنْدِ. قَالَ الْحُمَيْدِيِّ فِي تَارِيخِ الأَنْدَلُسِ: كَانَ مِنْ أَضْبَطِ النَّاسِ لِكُتُبِهِ وَأَفْهَمِهِمْ لِمَعَانِي الرِّوَايَةِ، وَلِيَ الْقَضَاءَ بِمَدِينَةِ سَالِمٍ. وَشَيْخُهُ الثَّالِثُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ الأُمَوِيُّ الْقُرْطُبِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ حَزْمٍ فِيمَا نَقَلَهُ الْحُمَيْدِيُّ. وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَهُوَ ابْنُ الأَحْمَرِ أَحَدُ رَوَاةُ السُّنَنِ لِلْنِسَائِيِّ عَنْهُ. وَثَّقَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ أَبُو خَلِيفَةَ، فَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَاحْتَجَّ بِهِ هُوَ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيِّ: «احْتَرَقَتْ كُتُبُهُ، مِنْهُمْ مَنْ وَثَقَّهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ، وَهُوَ إِلَى التَّوْثِيقِ أَقْرَبُ» . قَالَ: وَالْمُتَأَخِّرُونَ أَخْرَجُوهُ فِي الصَّحِيحِ، وَنَسَبَهُ السُّلَيْمَانِيُّ إِلَى الرَّفْضِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. أَنْكَرَهُ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ. وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّيَالِسِيُّ احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. وَشُعْبَةُ. ذِكْرُ طَرِيقٍ آخَرِ لِلْحَدِيثِ وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ أَبُو الزُّبَيْرِ بَلْ قَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ.
٣ - أَخْبَرَنِي بِهِ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْهَادِي فِيمَا أَذِنَ لِي مُشَافَهَةً أَنْ أَرْوِيَهُ عَنْهُ، قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، أنا. . . . ابْنُ مَحْمُودٍ الثَّقَفِيُّ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ الْهَجْمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ السَّامِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَمْرٍو الْغَفَّارِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهَ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سنَتِهِ» . وَمُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ السَّامِيُّ بِالْمُهْمَلَةِ هُوَ الْكُدَيْمِيُّ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الغِفَارِيُّ ضَعَّفَهُمَا أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ. نَعَمْ إِسْمَاعِيلُ الْخَطْبِيُّ وَثَّقَ الْكُدَيْمِيَّ. ذِكْرُ بَعْضِ الْمُتَابَعَاتِ لِلْرَاوِي: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَجْمِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ الْكُدَيْمِيِّ أَيْضًا: أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ. وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَمَرِيُّ. أَمَّا حَدِيثُ الْعُمَرِيُّ: فَقَرَأْتُهُ عَلَى سِتِّ الْعَرَبِ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، أنا الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ سَمَاعًا عَلَيْهِ، أنا أَبُو الْعَلاءِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَرَّاقُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْمُنْكَدِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مِثْلَهُ سَوَاءً. وَأَمَّا حَدِيثُ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ: أَخْبَرَنِي بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَنْبَلِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِالْقَاهِرَةِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّعْرِيُّ كِتَابَهُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، أَوْ زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، وَقَالَ: وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ
٤ - فَأَخْبَرَنِي بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِيسَى الأَيُّوبِيُّ مُشَافَهَةً، أنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْحِرَّانِيُّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ رَوْحٍ، وَعَفِيفَةَ بِنْتَ أَحْمَدَ وَاللَّفْظُ لَهَا، قَالا: أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُوزْدَانِيَّةُ، قَالَتْ: أنا أَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَيْذَةَ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْعَسْكَرِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْبَزَّازُ، ثنا الْهَيْصَمُ بْنُ الشَّدَّاخِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، لَمْ يَزَلْ فِي سِعَةٍ سَائِرَ سَنَتِهِ» . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ هَكَذَا فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ. وَقَدْ تَابَعَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ عَلِيَّ بْنَ مُهَاجِرٍ الْمِصْرِيَّ
٥ - أَخْبَرَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَنْبَلِيُّ، بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ، مِنْ كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيِّ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّعْرِيُّ إِذْنًا، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، أَوْ زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ البَّزَارُ بِبَغْدَادَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَذَالٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُهَاجِرٍ الْمِصْرِيُّ، ثنا هَيْصَمٌ الْجُرْجَانِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ رَجَاءَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثنا هَيْصَمُ بْنُ شَدَّاخَ الوَّرَاقُ. ح قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ حَشِيشَ التَّمِيمِيُّ الْمُقْرِئُ بِالْكُوفَةِ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَاصِمٍ الْجُرْجَانِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ رَجَاءَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثنا هَيْصَمُ بْنُ شَدَّاخَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ سَنَتِهِ»، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ هَكَذَا فِي شُعَبِ الإِيمَانِ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ هَيْصَمٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَكَذَلِكَ أَبُو حَاتِمٍ حِبَّانُ فِي تَارِيخِ الضُّعَفَاءِ فِي تَرْجَمَةِ هَيْصَمَ، وَقَالَ: يَرْوِي الطَّامَّاتِ غَيْرَ مَحْفُوظَةٍ
ذِكْرُ طَرِيقٍ آخَرِ لِلْحَدِيثِ وَلِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ طَرِيقٌ آخَرُ
٦ - رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي جُزْءٍ لَهُ فِي فَضْلِ عَاشُورَاءَ، مِنْ رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ الْجُرْجَانِيُّ، عَنْ أَبِي طِيبَةَ، عَنْ كَرْزِ بْنِ وَبْرَةَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى عِيَالِهِ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ السَّنَّةِ الْمُقْبِلَةِ، وَأَنَا الضَّامِنُ لَهُ، وَكُلُّ دِرْهَمٍ سَيُنْفَقُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُرِيدُ بِهِ مَا عِنْدَ اللَّهِ، يُحْسَبُ بِسَبْعِ مِائَةِ أَلْفٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ أَكْثَرُ ثَوَابًا مَنْ فِي السِّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمَنْ تَصَدَّقَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَكَأَنَّمَا تَصَدَّقَ عَلَى ذُرِّيَةِ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: غَرِيبٌ جِدًّا. قُلْتُ: وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَأَحْسَبُ آفَتَهُ مِنْ مُتَأَخِّرِي رُوَاتِهِ. فَإِنَّ الرَّبَيعَ بْنَ خَيْثَمٍ ثِقَةٌ لا يُسْأَلُ عَنْهُ كَمَا قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ. كَرْزُ بْنُ وَبْرَةَ أَحَدُ الزُّهَادِ الْعُبَّادِ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَأَبُو طِيبَةَ اسْمُهُ عِيسَى بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دِينَارٍ الدَّارَمِيُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ: يُخْطِئُ. وَقَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: كَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الزُّهَادِ. نَعَمْ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَأَمَّا سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ الْجُرْجَانِيُّ وَلَقَبُهُ سَعْدَوَيْهِ، قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: لا يَصِحُّ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَجُلٌ صَالِحٌ لَهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ مَا لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. تَنْبِيهٌ وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ ابْنَ مَسْعُودٍ فِي التَّوْسِعَةِ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَلا تَغْتَرُ بِذِكْرِ أَبِي السَّعَادَاتِ الْمُبَارَكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الأَثِيرِ الْجِزْرِيِّ لَهُ فِي جَامِعِ الأُصُولِ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَهْمٌ عَجِيبٌ. وَهَذَا الْكِتَابُ كَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُجَرَّدٍ، فَإِنَّ فِيهِ عِدَّةَ أَوْهَامٍ. وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَخَاهُ أَبَا الْفَتْحِ نَصْرَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الأَثِيرِ الْجِزْرِيَّ ذَكَرَهُ فِي اخْتِصَارِهِ لِجَامِعِ الأُصُولِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ وَزَادَ مِنْ عِنْدِهِ أَنْ عَلَّمَ عَلَيْهِ صُورَةَ خ م يَعْنِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ مِنْهُمَا جَمِيعًا. وَالْحَدِيثُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ الْبَتَّةَ
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ
٧ - فَأَخْبَرَنِي بِهِ: أَبُو الْحَرَمِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلانِسِيُّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ فِيمَا أَذِنَ لِي أَنْ أَرْوِيَهُ عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الشِّعْرِيُّ، أنا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ الشِّحَامِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَوِ الْفَضْلُ الْعَرَاوِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ، أنا أَبُو سَعِيدٍ الْمَالِينِيُّ، أنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، ثنا مَعْمَرُ بْنُ سَهْلٍ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ يَعْلِي بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «مَنْ أَوْسَعَ عَلَى عِيَالِهِ وَأَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ» . أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ هَكَذَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَدِيٍّ. وَأَوْرَدَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ الطَّاجِيِّ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالْعِجْلِيُّ، وَالنِّسَائِيُّ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ شُعْبَةُ، فَقَالَ: كَانَ كَأَخِيرِ الرِّجَالِ. وَأَمَّا الْعُقَيْلِيُّ فَأَعَلَّ الْحَدِيثَ بِسُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَأَفْرَدَهُ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي الضُّعَفَاءِ، وَقَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي، ثنا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ. . . .، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: سُلَيْمَانُ مَجْهُولٌ، وَالْحَدِيثُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ. قَالَ: وَلا يَثْبُتُ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي حَدِيثٍ مُسْنَدٍ، انْتَهَى. قُلْتُ: سُلَيْمَانُ هَذَا رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَصُهَيْبُ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ: أَدْرَكَ الْمُهَاجِرِينَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ، فَيَعْتَبِرُ حَدِيثَهُ. وَذِكْرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِ بَيَانِ الْوَهْمِ وَالإِبْهَامِ، أَنَّ الرَّاوِي إِذَا وُثِّقَ زَالَتْ جَهَالَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلا وَاحِدٌ، وَقَدْ رَوَى لَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: أَنَّهُ رَأَى سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَخَذَ رَجُلا قَصِيرًا فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ. . . . . . الْحَدِيثُ. وَسَكَتَ عَلَيْهِ فَهُوَ عَنْهُ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ. وَلَكِنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ نُصَيْرٍ ضَعَّفَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَالْبُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالْعِجْليُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنِّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. نَعَمْ قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: صَدُوقٌ، وَلَكِنَّهُمْ أَخَذُوا عَلَيْهِ أَشْيَاءَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمِيزَانِ: لَمْ يَأْتِ بِمَتْنٍ مُنْكَرٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَعَلَى هَذَا فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ عَلَى رَأْيِ ابْنِ حِبَّانَ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْحَجَّاجَ بْنَ نُصَيْرٍ، وَمُحَمَّدَ بْنَ ذَكْوَانَ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الثِّقَاتِ، وَبَاقِي رِجَالِهِ مَعْرُوفُونَ بِالثِّقَةِ
ذِكْرُ طَرِيقٍ آخَرِ لِلْحَدِيثِ وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ طَرِيقٌ آخَرُ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَكِنَّهُ مُنْكَرٌ
٨ - أَخْبَرَنِي بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَارِضِ، بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمُنَعْمِ الْحَرَّانِيُّ، أَنْبَأَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَوْزِيِّ، ثنا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ مِنْ لَفْظِهِ وَكِتَابِهِ مَرَّتَيْنِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ قُرَيْشٍ، أنا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ الْعُشَارِيُّ. ح وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ: وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيِّ، عَنْ أَبِي طَالِبٍ الْعُشَارِيِّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْبَرْسَرِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّجَّادُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، ثنا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ ﷿ افْتَرَضَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ صَوْمَ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَصُومُوهُ، وَوَسِّعُوا عَلَى أَهَالِيكُمْ فِيهِ، فَإِنَّهُ مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ مَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ فَصُومُوهُ فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي تَابَ اللَّهُ عَلَى آدَمَ» فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلا نَحْوَ وَرَقَةٍ وَفِيهِ «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَمْرَضْ مَرَضًا إِلا مَرَضَ الْمَوْتِ، وَمَنِ اكْتَحَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ تَرْمَدْ عَيْنَيْهِ تِلْكَ السَّنَةِ كُلِّهَا» الْحَدِيثُ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ بْنِ نَاصِرٍ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ عَزِيزٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَقَدْ أُخْرِجَ عَنْ أَكْثَرِهِمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ. قَالَ: وَهَذَا أَحْسَنُ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي يَرْوَيَهُ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ الْمُقْرِئُ فِي فَضَائِلِ عَاشُورَاءَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُجَيْحٍ، عَنْ مُجَاهِرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَمَا سَمِعْنَا بِإِسْنَادٍ أَصَحَّ مِنْ هَذَا الإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ. وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُعْطِيَ ثَوَابُ مَنْ صَدَّقَ وَلَمْ يُكَذِّبْ. وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي فَضَائِلِ الشُّهُورِ، عَنِ ابْنِ نَاصِرٍ أَيْضًا، أَنَّهُ قَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ انْتَهَى. هَكَذَا أَقْتَصِرُ عَلَى حِكَايَةِ كَلامِ ابْنِ نَاصِرٍ فِي هَذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا فِي الْمَوْضُوعَاتِ، فَرَوَاهُ بِسَنَدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لا يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي وَضْعِهِ، وَلَقَدْ أَبْدَعَ مَنْ وَضَعَهُ، وَكَشَفَ الْقِنَاعَ وَلَمْ يَسْتَحِي، وَأَتَى فِيهِ بِالْمُسْتَحِيلِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَأَوَّلُ يَوْمٍ خَلَقَ اللَّهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. وَهَذَا تَغْفِيلٌ مِنْ وَاضِعِهِ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُسَمَّى عَاشُورَاءُ إِذَا سَبَقَهُ تِسْعَةٌ، وَقَالَ فِيهِ: خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الأَحَدِ. . .»، وَفِيهِ مِنَ التَّحْرِيفِ فِي مَقَادِيرِ الثَّوَابِ الَّذِي لا يَلِيقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ. قَالَ: «وَكَيْفَ يُحْسِنُ أَنْ يَصُومَ الرَّجُلُ يَوْمًا فَيُعْطَى ثَوَابُ مَنْ حَجَّ وَاعْتَمَرَ وَقُتِلَ شَهِيدًا، وَهَذَا مُخَالِفٌ لأُصُولِ الشَّرْعِ» . قَالَ: وَلَوْ نَاقَشْنَاهُ عَلَى شَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ لَطَالَ، وَمَا أَظُنُّهُ إِلا دُسَّ فِي أَحَادِيثِ الثِّقَاتِ. وَكَانَ مَعَ الَّذِي رَوَاهُ نَوْعُ تَغْفِيلٍ، وَلا أُحِبُّ ذَلِكَ إِلا فِي الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنْ كَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَدْ قَالَ فِي ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَاسْمُ أَبِي الزِّنَادِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكَوَانَ، وَاسْمُ ابْنِهِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ. كَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ لا يُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ لا يُحْتَجُّ بِهِ، فَلَعَلَّ بَعْضَ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالإِلْحَادِ قَدْ أَدْخَلَهُ فِي حَدِيثِهِ، انْتَهَى كَلامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ تَيْمِيَةَ فِي الْفَتْوَى الَّتِي تَقَدَّمَ نَقْلُ بَعْضِهَا " وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ فَإِنَّهُ لا يَسْتَرِيبُ مِنْ تَدَبُّرِ هَذَا الْكَلامِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ هَذَا لا يَجُوزُ أَنْ يَقُولُهُ مُؤْمِنٌ فَضْلا عَنْ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَإِنَّ فِيهِ مِنَ الْمُجَازَفَاتِ وَالْفِرْيَةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَخَلْقِهِ مَا لا يَجُوزُ أَنْ يُذْكَرَ إِلا عَلَى وَجْهِ الإِنْكَارِ. وَذَكَرَ كَلامًا طَوِيلا، ثُمَّ قَالَ: وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَاصِرٍ قَالَهُ بِنَاءً عَلَى أَنْ رَأَى ظَاهِرَ حَالِ رِجَالِهِ السَّلامَةَ عِنْدَهُ، وَلَكِنْ هُوَ مِنْ رِوَايَةِ الشُّيُوخِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفَةِ، وَلا هُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ رِوَايَةِ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَأَكْثَرُ الشُّيُوخِ الْمُتَأَخِّرِينَ لا يُحْتَجُّ بِمُجَرَّدِ رِوَايَتِهِمْ، لَكِنَّهُمْ لا يَضْبِطُونَ حَدِيثَهُمْ، حِفْظًا وَلا كِتَابًا، وَلَكِنْ يُؤْتَى الرَّجُلُ بِجُزْءٍ فِيهِ سَمَاعِهِ فَيَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَالْعُمْرَةُ عَلَى مَنْ قَرَأَهُ، وَعَلَى سَمَاعِهِ الْمَوْجُودِ بِخَطِّ مَنْ تُعْرَفُ ثِقَتُهُ، فَإِذَا زِيدَ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ لَمْ يَعْرِفْهَا كَمَا فَعَلَ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ بِرِجَالٍ مِنَ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَدْرَكَهُمُ ابْنُ نَاصِرٍ انْتَهَى كَلامُهُ. وَالْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَابْنُ تَيْمِيَةَ مِنْ مَوْضُوعٍ لِمَا فِيهِ مِنَ الرَّكَةِ وَالْمُجَازَفَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ﵁ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ:
٩ - فَأَخْبَرَنِي بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: كَتَبَ لِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحِيمِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُمْ فِي إِذْنِهِ وَكِتَابِهِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَوْ زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، ثنا خَالِدُ بْنُ خَرَّاسٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نافع، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَنَتِهِ» . رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَافِظُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ مِينَاءَ ٢٦، أَنَّهُ حَدَّثَهُ الثَّقَةُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، فَذَكْرُهُ. لا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ. وَأَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ مِينَاءَ، رَوَى عَنْهُ أَيْضًا عُمَرُ بْنُ بَانِي الْعُمَرِيُّ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ: يَرْوِي الْمَقَاطِيعَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بَانِي هُوَ الصَّائِغُ الْمَدَنِي، احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ النِّسَائِيِّ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ
ذِكْرُ طَرِيقٍ آخَرِ لِلْحَدِيثِ وَلِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ طَرِيقٌ أُخْرَى مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ: قَرَأْتُ بِخَطِّ الْحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ بْنِ رَافِعٍ الْمَشْكِيِّ، وَكَتَبَ إِلَيَّ مِنْ ثَغْرِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الْفُرَاتِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ ظَفَانِ بْنِ أَبِي الْوَفَاءِ، أنا نَاصِرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَسَنِيُّ إِجَازَةً، أنا يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَرَجِ الْخَشَّابِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامَةَ الْقُضَاعِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي سَعِيدِ بْنِ الأَعْرَابِيِّ بِمَكَّةَ، وَأَنَا أَسْمَعُ، حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ كَلْحَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجَعْفَرِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الْجَهْنِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. بِنَحْوِهِ. وَلَمْ يَقُلْ: سَنَتِهِ. وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجَعْفَرِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ أَيْضًا مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قَالَهُ أَبُو زَرْعَةَ
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ ﵄ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ
١٠ - فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الأَفْرَادِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ سَهْلٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ خُرَّةَ الدَّبَّاغُ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ» . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مُنْكَرٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، وَإِنَّمَا يُرْوَى هَذَا مِنْ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، وَيَعْقُوبُ بْنُ خُرَّةَ ضَعِيفٌ
١١ - أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غُلامِ اللَّهِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عِمَادٍ، أنا يَحْيَى بْنُ ثَابِتِ بْنِ بُنْدَارَ، أنا أَبِي، أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ: «يَعْقُوبُ بْنُ خُرَّةَ الدَّبَّاغُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ فَارِسٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَزْهَرَ بْنِ سَعْدٍ السَّمَّانِ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَغَيْرِهِمَا، لَمْ يَكُنْ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ» ثنا عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَهَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ سَهْلٍ انْتَهَى
ذِكْرُ طَرِيقٍ آخَرِ لِلْحَدِيثِ وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ.
١٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الدَرْبَنْدِيُّ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَافِظُ بِبُخَارَى، أنا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي حَامِدٍ الْبَاهِلِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حُفَيْفِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ زَيْنٍ، أنا أَسْبَاطُ بْنُ الْيَسَعَ، أنا سَهْلُ بْنُ أَبِي عِيسَى بْنِ صَالِحٍ الْفَرَاهَانِيُّ الْمَرُوزِيُّ، أنا خَطَّابُ بْنُ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ أَبِيوَرْدَ، ثنا هِلالُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَانَ ذَا جِدَّةٍ وَمَيْسَرَةٍ فَوَسَّعَ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِلَى رَأْسِ السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ» . قَالَ الْخَطِيبُ: فِي إِسْنَادِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمَجَاهِيلَ، وَلا يَثْبُتَا عَنْ مَالِكٍ. هَذَا مَا وَقَعَ لَنَا مِنَ الأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ فِي الْبَابِ، وَأَصَحُّهَا حَدِيثُ جَابِرٍ مِنَ الطَّرِيقِ الأَوَّلِ، وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا لَهُ وَرَوَيْنَا عَنِ الْبَيْهَقِيِّ بِالإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ إِلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ بَعْدَ أَنْ رُوِيَ الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقِ الصَّحَابَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَالَ: «هَذِهِ الأَسَانِيدُ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةٌ فَهِي إِذَا ضُمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ أَحْدَثَتْ قَوَّةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ» انْتَهَى كَلامُهُ. هَذَا مَعَ قُوَّتِهِ لَمْ يَقَعْ لَهُ رِوَايَةُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ الَّتِي هِيَ أَصَحُّ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَمَعَ هَذَا فَقَدْ قَالَ: «إِنَّ مَجْمَوعَ الطُّرُقِ أَحْدَثَتْ لَهُ قُوَّةً» . ذِكْرُ الأَثَرِ الْمَوْقُوفِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ وَأَمَّا أَثَرُ عُمَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ:
١٣ - فَأَخْبَرَنِي أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَطِيبُ فِيمَا شَافَهَنِي بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، عَنْ كِتَابِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْقَسْطَلانِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُضَاءَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، ثنا ابْنُ وَضَّاحٍ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَابِدُ، عَنْ بُهْلُولِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ لَيْلَةَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ» . قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: جَرَّبْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا. وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، وَقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ثِقَتَانِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ صَدُوقٌ تَكَلَّمَ فِيهِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْعَابِدُ اسْمُهُ خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ أَهْلِ أَفْرِيقِيَّةَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَهُوَ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَغْرِبِ. وَبُهْلُولُ بْنُ رَاشِدٍ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ أَبُو زَرْعَةَ: ثِقَةٌ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَتْ لَهُ عِبَادَةٌ وَفَضْلٌ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَبَاقِيهِمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ. نَعَمْ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مِنْ عُمَرَ خِلافٌ. فَقَالَ أَحْمَدُ: رَآهُ وَسَمِعَ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يَصِحُّ لَهُ سَمَاعٌ مِنْهُ إِلا رُؤْيَةً. وَرِوَايَتُهُ عَنْهُ فِي السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ
ذِكْرُ قَوْلِ ابْنِ الْمُنْتَشِرِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ فَرَوَيْنَاهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ أَيْضًا:
١٤ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِالسَّنَدِ الْمُتَقَدِّمِ إِلَى الْبَيْهَقِيِّ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثنا شَاذَانُ، ثنا جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَزَالُوا فِي سِعَةٍ مِنْ رِزْقِهِمْ سَائِرَ سَنَتِهِمْ» وَرَوَيْنَا عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ بِالإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ إِلَيْهِ قَالَ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ» . قَالَ سُفْيَانُ: جَرَّبْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ.
١٥ - وَأَخْبَرَنَا بِذَلِكَ الْحَافِظُ أَبُو سَعِيدٍ الْعَلائِيُّ إِذْنًا مُشَافَهَةً، أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ نَعْمَةَ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْمُبَارَكِ بْنِ الْحَسَيْنِ الْمُطَرِّزِ، أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ نُعْمَانَ أَخْبَرَهُمْ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ الأَنْصَارِيُّ، أنا أَبُو عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنِ السَّمَّاكِ إِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سَلامٍ السَّوَّاقُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، ثنا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَنَتَهُ»
١٦ - وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَّهُ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ» . أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مُشَافَهَةً، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ أَبْنَاهُ، أنا سَعْدُ بْنُ المسني، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَكِّيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، أنا جَدِّي، فَذَكَرَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ جَعْفَرًا، وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ دَلَّسَهُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فَإِنَّ ابْنَ الْمُقْرِئِ أَوْرَدَهُ فِي جَامِعِ سُفْيَانَ فِي تَرْجَمَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدِ انْتَهَى الْكَلامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
Unknown page