125

Tawjih Nazar

توجيه النظر إلى أصول الأثر

Investigator

عبد الفتاح أبو غدة

Publisher

مكتبة المطبوعات الإسلامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1416 AH

Publisher Location

حلب

هَذَا وَلما ارتاب بعض عُلَمَائِنَا فِي أَمر يهوذا ترَاءى لَهُم أَنه هُوَ الَّذِي أَلِي عَلَيْهِ شبه الْمَسِيح فَأخذ وصلب وَلَقي جَزَاء عمله غير أَن الَّذين كَانُوا يتلقفون أَخْبَار الْمَسِيح ﵇ من كل فَم لما لم يقفوا لَهُ على عين وَلَا أثر ظنُّوا انه هلك أَو اهلك نَفسه فلفقوا هَذَا القَوْل بِنَاء على مَا وَقع فِي نُفُوسهم وَمثل ذَلِك لَا يُحْصى وَهَذَا القَوْل أقوى الْأَقْوَال الَّتِي قَالَهَا من ذهب إِلَى ان المصلوب كَانَ يشبه الْمَسِيح ﵇ بِحَيْثُ إِن من رَآهُ وَكَانَ يعرفهُ من قبل قَالَ إِنَّه هُوَ أَو كَأَنَّهُ هُوَ وَالْقَوْل بالشبه الْمَذْكُور هُوَ الْمَشْهُور عِنْد الْجُمْهُور وَقد أنكرهُ عَلَيْهِم الْجُمْهُور الْأُمَم من غير الْمُسلمين وَقد وافقهم على الْإِنْكَار ابْن حزم مَعَ أَن جَمِيع أَرْبَاب الْملَل يَقُولُونَ بِجَوَاز خرق الْعَادة وَهَذَا من أقرب الْأُمُور جَوَازًا فِي الْعقل لَا سِيمَا إِن قَضَت الْحِكْمَة بِوُقُوعِهِ كالمسألة الَّتِي نَحن بصددها وَلَيْسَ فِي ذَلِك مَا يُوجب إبِْطَال الْحَقَائِق على انه تقرر فِي علم الْكَلَام أَن الْحَواس قد تغلط فِي بعض الأحيان وَأَن ذَلِك لَا يرفع الاطمئنان إِلَى مَا أَدْرَكته فِي سَائِر الأحيان وَمثل ذَلِك الْعقل فَأَي مَحْذُور يحصل أَن قيل وعَلى ذَلِك إِن الْمَسِيح ﵇ لما أَرَادَ الْيَهُود إهلاكه لِأَنَّهُ كَانَ يَأْمُرهُم بِالْمَعْرُوفِ وينهاهم عَن الْمُنكر ويحثهم على اتِّبَاع الْحق والسلوك فِي مهج الصدْق ألْقى الله شبهه على رجل مارق مُنَافِق مُسْتَحقّ للهلاك فَأخذ وصلب وَهُوَ بذلك حري وَنَجَا من غوائلهم ذَلِك الْبر الْبري وَذكر مفسرو الأناجيل أَن الْمَسِيح ﵇ لما أَرَادَ الْجَمَاعَة الْقَبْض عَلَيْهِ أظهر ثَلَاث آيَات الأولى إِمْسَاكه أَبْصَارهم حَتَّى لم يعرفوه مَعَ أَن ذَلِك الخائن جعل لمعرفته عَلامَة وَكَانَ كثير مِنْهُم يعرفهُ وَيُؤَيّد ذَلِك أَنه لما قَالَ لَهُم من تطلبون ل يَقُولُوا إننا نطلبك بل قَالُوا عِيسَى الناصري وَذَلِكَ لعدم معرفتهم لَهُ

1 / 164