Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Genres
فهذا الإسلام جسداني والجسداني ظلماني، ويعبر عن الليل بالظلمة، وأما الإسلام الباطن فانشراح القلب والصدر بنور الله بقوله تعالى:
أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه
[الزمر: 22]، فهذا الإسلام الروحاني نوراني ويعبر عن اليوم بالنور، فالإسلام الجسداني يقتضي إسلام الجسد لأوامر الله تعالى، ونواهيه، والإسلام الروحاني يقتضي استسلام القلوب والروح لأحكامه الأزلية وقضائه وقدره، فمن كان موقوفا عند الإسلام الجسداني، ولم يبلغ مرتبة الإسلام الروحاني فهو بعد في سير نعمة الدين مترف ومتحير، فيرى ملوكا وملاكا كثيرة كما كان حال الخليل عليه السلام فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال:
هذا ربي
[الأنعام: 76] وتنفس سعادته وطلعت شمس الإسلام الروحاني من وراء جبل نفسه عن شوق القلب صبح فهو على
نور من ربه
[الزمر: 22] واضح في كشف يوم الدين، فيكون ورد وقته: " أصبحنا وأصبح الملك لله " ، فيشاهد بعين اليقين بل يكاشف حق اليقين أن الملك لله ولا مالك إلا مالك يوم الدين، فإذا تجلى له النهار وكشف بالمالك جهارا يخاطبه وجاها ويناجيه شفاها { إياك نعبد وإياك نستعين } [الفاتحة: 5].
الكلام فيه على ثلاثة أوجه:
أولها: على الخطاب لأنه رجع من الغيبة إلى الخطاب، وإنما رجع إلى الخطاب من الغيبة؛ لأنه ليس بين المملوك ومالكه إلا حجاب ملك نفس المملوك، فإذا عبر عن حجاب ملك النفس وصل إلى مشاهدة مالك النفس، كما قيل عن أبي يزيد أنه في بعض مكاشفاته قال: إلهي كيف أجد السبيل إليك؟ قال له ربه: دع نفس وتعال. فللنفس أربع صفات لها من كل صنف حجاب آخر، وهي: الأمارية واللوامية والملهمية والمطمئنة، فأمر العبد المملوك بأن يذكر مالكه بأربع صفات الإلهية والربوبية والرحمانية والرحيمية، فيعبر بعد مدح الإلهية وشكر الربوبية وثناء الرحمانية وتمجيد الرحيمية وقوة جذبات هذه الصفات الأربع عن حجب ممالك الصفات الأربع للنفس، فيخلص عن ظلمات ليلة دين نفسه لطلوع صبح صادق يوم الدين { ملك يوم الدين } [الفاتحة: 4]
يوم لا تملك نفس لنفس شيئا
Unknown page