466

Al-Taʾwīlāt al-Najmiyya fī al-tafsīr al-ishārī al-ṣūfī

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Genres

[التوبة: 46]، وقوله تعالى: { على القعدين درجة } [النساء: 95]؛ يعني: للمجاهدين فضيلة درجة الولاية على القاعدين، ثم عمم القول في المجاهد والقاعد بلا عذر، فقال تعالى: { وكلا وعد الله الحسنى } [النساء: 95]؛ يعني: الجنة فيما بين الواصلين البالغين والطالبين المنقطعين بعذر، وعوام المؤمنين القاعدين عند الطلب بلا عذر، ثم خص المجاهدين بالانفراد في نيل الدرجات والوصول إلى القربات، فقال تعالى: { وفضل الله المجهدين } [النساء: 95] بعد الطالبين والواصلين مطلقا، { على القعدين } [النساء: 95]؛ يعني: المنقطعين بعذر أو بغير عذر مطلقا، { أجرا عظيما } [النساء: 95]، وعظم الأجر على قدر مراتب الطالبين والواصلين، وخصهم بدرجات منه لا من غيره، فقال تعالى: { درجات منه } [النساء: 96]؛ أي: قربات منه، { ومغفرة } [النساء: 96] منه لبعضهم؛ وهو أن يتجلى بصفة الغفران لهم فيكونوا مستورين بصفاته لا منتفين بصفاته عن صفاتهم، لا فانين عن ذواتهم بذاته.

{ وكان الله غفورا رحيما } [النساء: 96]؛ يعني: يكون الله تعالى بذاته غفورا، والغفور للمبالغة؛ يعني: كثير الغفران لبعضهم حتى يغنيهم عن ذواتهم ويبعثهم برحمة ذاته تعالى وتقدس، فافهم واغتنم هذا الجهاد الأكبر.

[4.97-99]

ثم أخبر عن القاعدين الظالمين لأنفسهم بقوله تعالى: { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } [النساء: 97] إلى قوله: { غفورا } [النساء: 99]، والإشارة فيها: إن المؤمنين عوام وخواص وخاص الخاص، كقوله تعالى:

فمنهم ظالم لنفسه

[فاطر: 32]؛ وهو العام،

ومنهم مقتصد

[فاطر: 32]؛ وهو الخاص،

ومنهم سابق بالخيرات

[فاطر: 32]؛ وهو خاص الخاص، فالذي { توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } [النساء: 97]؛ فهم العوام الذين ظلموا على أنفسهم بتدسيسها من غير تزكيتها عن أخلاقها الذميمة وتحليتها بالأخلاق الحميدة ليفلحوا فخابوا وخسروا، كما قال الله تعالى:

Unknown page