Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Genres
[البقرة: 31]، فلما ردت الذرات إلى الأصلاب وأصبحت بصفات البشرية، ثم نقلت إلى الأرواح وحبست فيها تسعة أشهر، ففي كل أربعين تمر عليها تنقل من حال إلى حال، ومن مقام إلى مقام من مقامات البعد عن حضرة الحق، إلى أن كملت عليها سبعة أطوار كمل الطفل، ووضع الحمل فرده النفس العاملة بعلم التوحيد الناطقة بها مع الذرة إلى أسفل سافلين القالب، محجبة بحجب البشرية وأطوار السبعة ناسية تلك العلوم التي تنطق بها، ثم أبواه يذكر أنه تلك العلوم بالرموز والإشارات وينطقانه بها بالتدريج، حتى يتذكر بعض تلك العلوم من وراء حجب البشرية أستار أطوار، وينطق بها باللسان الأبوين، ولا بلسان الذي أجاب الرب وقال: بلى، فإن ذلك اللسان كان لب هذا اللسان وهذا قشر ذلك، فكذلك جميع وجود ظاهر الإنسان وباطنه قشور لباب ذلك الوجود المسمع المجيب في الميثاق، فسمعه قشر ذلك السمع الذي خاطب الحق وبصره، قشر ذلك البصر الذي أبصر جمال الحق وقلبه، قشر ذلك القلب الذي قصه خطاب الحق وعقله، قشر ذلك العقل الذي عقل بها معنى خطاب الحق ونفسه، قشر تلك النفس التي أدرك خطاب الحق وتمكنت لجوابه وعلومه، قشرتك العلوم التي تعلمت من الحق، فكما أن أبويه كانا يذكران الطفل من تلك العلوم وينطقان بها من وراء الحجب والقشور، فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما بعث لتذكرة حقيقة تلك العلوم، كما قال تعالى:
فذكر إنمآ أنت مذكر
[الغاشية:21]، وقال تعالى:
وذكرهم بأيام الله
[إبراهيم: 5]، فالتذكير عام، ولكن التذكير خاص، { وما يذكر إلا أولوا الألباب } [آل عمران: 7]، وقال تعالى:
إنما يتذكر أولوا الألباب
[الرعد: 19]، وهم الذين أخرجوا في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم من ظلمات قشور وجودهم النفساني إلى نور وجودهم الروحاني، وهم الراسخون في قشور العلوم الواصلون إلى حقائق لباب العلوم الدينية، التي تعلم من لدن خبير بلا واسطة، كما قال تعالى:
الرحمن * علم القرآن
[الرحمن: 1-2]، فافهم جيدا، وما أراك أن تفهم وأنت محبوس في قشر الوجود المجازي، والله اعلم.
[3.8-12]
Unknown page