305

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Genres

[البقرة: 256]، { ولا هم يحزنون } [البقرة: 274]، عاجلا وآجلا:

فأما عاجلا: فلا يحزنون على ما يفوتهم من الدنيا، فإنهم تركوها بطيب قلوبهم في الله، وهو لهم خلف عن كل تلف من كان الله له، وأما آجلا: كما قال تعالى:

لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة

[الأنبياء: 13]، وقال صلى الله عليه وسلم:

" كأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، إن ربنا لغفور شكور ".

ثم أخبر عن حرص أهل الدنيا وهم: أكلة الربا، بعد ما ذكر قناعة أهل الآخرة وشكر المولى بقوله تعالى: { الذين يأكلون الربوا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس } [البقرة: 275]، الإشارة فيهما: أن آكل الربا يحرص على الدنيا، مثله كمثل من به جوع الكلب فيأكل ولا يشبع، حتى ينتفخ بطنه ويثقل عليه فلا يقدر عليه أن يقوم، { إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس } [البقرة: 275]؛ يعني: إلا كما يقوم المصروع، وكلما يقوم يصرعه نقل بطنه، وهذا كمثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للحريص، لقوله:

" إن هذا المال خضرة حلوة إن كل ما ينبت الربيع يقتل حبطا، أو يلم إلا آكلة الخضر تأكل حتى إذا امتدت خاصرتاها استقبلت الشمس، فاجترت وثلطت وبالت، ثم عادت فأكلت إن هذا المال خضرة حلوة، من أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو، ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع "

، حديث متفق على صحته، وفيه مثلان:

ضرب أحدهما: للحريص المفرط في جميع الدنيا ومنعها من حقها، والآخر: ضرب للمقصد في أخذها والانتفاع بها، وأما قوله صلى الله عليه وسلم:

" ينبت الربيع وما يقتل حبطا "

Unknown page